إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ بَوَّأۡنَا بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ مُبَوَّأَ صِدۡقٖ وَرَزَقۡنَٰهُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِ فَمَا ٱخۡتَلَفُواْ حَتَّىٰ جَآءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقۡضِي بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخۡتَلِفُونَ} (93)

{ وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِى إسرائيل } كلامٌ مستأنَفٌ سيق لبيان النعم الفائضةِ عليهم إثرَ نعمةِ الإنجاء على الإجمال وإخلالهم بشكرها وأداءِ حقوقها أي أسكناهم وأنزلناهم بعدما أنجيناهم وأهلكنا أعداءَهم { مُبَوَّأَ صِدْقٍ } أي منزِلاً صالحاً مرْضياً وهو الشامُ ومصرُ ملكوهما بعد الفراعنةِ والعمالقةِ وتمكنوا في نواحيهما حسبما نطقَ به قولهُ تعالى : { وَأَوْرَثْنَا القوم الذين كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مشارق الأرض ومغاربها التي بَارَكْنَا فِيهَا } [ الأعراف : الآية 137 ] { وَرَزَقْنَاهُمْ مّنَ الطيبات } أي اللذائذ { فَمَا اختلفوا } في أمر دينهم { حتى جَاءهُمُ العلم } أي إلا بعد ما جاءهم العلم بقراءتهم التوراةَ وعلمِهم بأحكامها أو في أمر محمدٍ عليه الصلاة والسلام { إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِى بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } فيميزُ بين المُحِق والمبطل بالإثابة والتعذيب .