ذا اسم الإشارة ، واللام لبعد المشار ، وكن خطاب لتلك النسوة .
واحتمل أن يكون لما رأى دهشهن وتقطيع أيديهن بالسكاكين وقولهن : ما هذا بشراً ، بعد عنهن إبقاء عليهن في أنْ لا تزداد فتنتهن ، وفي أنْ يرجعن إلى حسنهن ، فأشارت إليه باسم الإشارة الذي للبعيد ، ويحتمل أن تكون أشارت إليه وهو للبعد قريب بلفظ البعيد رفعاً لمنزلته في الحسن ، واستبعاداً لمحله فيه ، وأنه لغرابته بعيد أن يوجد منه .
واسم الإشارة تضمن الأوصاف السابقة فيه كأنه قيل : الذي قطعتن أيديكن بسببه وأكبرتنه وقلتن فيه ما قلتن من نفي البشرية عنه وإثبات الملكية له ، هو الذي لمتنني فيه أي : في محبته وشغفي به ، قال الزمخشري : ويجوز أن يكون إشارة إلى المعنى بقولهن : عشقت عبدها الكنعاني تقول : هذا ذلك العبد الكنعاني الذي صورتن في أنفسكن ثم لمتنني فيه ، يعني : إنكن لو تصورنه بحق صورته ، ولو صورتنه بما عاينتن لعذرتنني في الافتننان به انتهى .
والضمير في فيه عائد على يوسف .
وقال ابن عطية : ويجوز أن تكون الإشارة إلى حب يوسف ، والضمير عائد على الحب ، فيكون ذلك إشارة إلى غائب على بابه انتهى .
ثم أقرت امرأة العزيز للنسوة بالمراودة ، واستنامت إليهن في ذلك ، إذ علمت أنهن قد عذرنها .
فاستعصم قال ابن عطية : معناه طلب العصمة ، وتمسك بها وعصاني .
وقال الزمخشري : والاستعصام بناء مبالغة يدل على الامتناع البليغ والتحفظ الشديد ، كأنه في عصمة وهو يجتهد في الاستزادة منها ، ونحو : استمسك ، واستوسع ، ، واستجمع الرأي ، واستفحل الخطب .
وهذا بيان لما كان من يوسف عليه السلام لا مزيد عليه ، وبرهان لا شيء أنور منه على أنه بريء مما أضاف إليه أهل الحشو مما فسروا به الهمّ والبرهان انتهى .
والذي ذكر التصريفيون في استعصم أنه موافق لاعتصم ، فاستفعل فيه موافق لافتعل ، وهذا أجود من جعل استفعل فيه للطلب ، لأن اعتصم يدل على وجود اعتصامه ، وطلب العصمة لا يدل على حصولها .
وأما أنه بناء مبالغة يدل على الاجتهاد في الاستزادة من العصمة ، فلم يذكر التصريفيون هذا المعنى لاستفعل .
وأما استمسك واستوسع واستجمع الرأي فاستفعل فيه موافقة لافتعل ، والمعنى : امتسك واتسع واجتمع الرأي ، وأما استفحل الخطب فاستفعل فيه موافقة لتفعل أي : تفحل الخطب نحو : استكبر وتكبر .
ثم جعلت تتوعده مقسمة على ذلك وهو يسمع قولها بقولها : ولئن لم يفعل ما آمره .
والضمير في آمره عائد على الموصول أي : ما آمر به ، فحذف الجار ، كما حذف في أمرتك الخير .
ومفعول آمر الأول محذوف ، وكان التقدير ما آمره به .
وإن جعلت ما مصدرية جاز ، فيعود الضمير على يوسف أي : أمري إياه ، ومعناه : موجب أمري .
وقرأت فرقة : وليكونن بالنون المشددة ، وكتبها في المصحف بالألف مراعاة لقراءة الجمهور بالنون الخفيفة ، ويوقف عليها بالألف كقول الأعشى :
ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا *** ومن الصاغرين : من الأذلاء ، ولم يذكر هنا العذاب الأليم الذي ذكرته في ما جزاء من أراد بأهلك سوءا ، لأنها إذ ذاك كانت في طراوة غيظها ومتنصلة من أنها هي التي راودته ، فناسب هناك التغليظ بالعقوبة .
وأما هنا فإنها في طماعية ورجاء ، وأقامت عذرها عند النسوة ، فرقت عليه ، فتوعدته بالسجن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.