{ الذين إذا أصابتهم مصيبة } : يجوز في الذين أن يكون منصوباً على النعت للصابرين ، وهو ظاهر الإعراب ، أو منصوباً على المدح ، فيكون مقطوعاً ، أو مرفوعاً على إضمارهم على وجهين : إما على القطع ، وإما على الاستئناف ، كأنه جواب لسؤال مقدر ، أي : من الصابرون ؟ قيل : هم الذين الذين إذا .
وجوزوا أن يكون الذين مبتدأ ، وأولئك عليهم خبره ، وهو محتمل .
مصيبة : اسم فاعل من أصابت ، وصار لها اختصاص بالشيء المكروه ، وصارت كناية عن الداهية ، فجرت مجرى الأسماء ووليت العوامل .
وأصابتهم مصيبة : من التجنيس المغاير ، وهو أن يكون إحدى الكلمتين إسماً والأخرى فعلاً ، ومنه : { أزفت الآزفة } { إذا وقعت الواقعة } والمصيبة : كل ما أذى المؤمن في نفس أو مال أو أهل ، صغرت أو كبرت ، حتى انطفاء المصباح لمن يحتاجه يسمى : مصيبة .
وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه استرجع عند انطفاء مصباحه .
والمعنى في إذا هنا : على التكرار والعموم .
وقد تقدم لنا ذكر الخلاف في إذا ، أتدل على التكرار ، أم وضعت للمرّة الواحدة ؟ قولان للنحويين .
{ قالوا إنا لله } : قالوا : جواب إذا ، والشرط وجوابه صلة للذين .
وإنا : أصله إننا ، لأنها إن دخلت على الضمير المنصوب المتصل ، فحذفت نون من إن .
وينبغي أن تكون المحذوفة هي الثانية ، لأنها ظرف ، ولأنها عهد فيها الحذف إذا خففت ، فقالوا : إن زيد لقائم ، وهو حذف هنا لاجتماع الأمثال ، فلذلك عملت ، إذ لو كان من الحذف لا لهذه العلة ، لانفصل الضمير وارتفع ولم تعمل ، لأنها إذا خففت هذا التخفيف لم تعمل في الضمير .
ولله : معناه الإقرار بالملك والعبودية لله ، فهو المتصرّف فينا بما يريد من الأمور .
{ وإنا إليه راجعون } : إقرار بالبعث وتنبيه على مصيبة الموت التي هي أعظم المصائب ، وتذكير أن ما أصاب الإنسان دونها فهو قريب ينبغي أن يصير له .
وللمفسرين في هاتين الجملتين المقولتين أقوال : أحدها : أن نفوسنا وأموالنا وأهلينا لله لا يظلمنا فيما يصنعه بنا .
الثاني : أسلمنا الأمر لله ورضينا بقضائه ، { وإنا إليه راجعون } يعني : للبعث لثواب المحسن ومعاقبة المسيء .
الثالث : راجعون إليه في جبر المصاب وإجزال الثواب .
الرابع : أن معناه إقرار بالمملكة في قوله : { إنا لله } ، وإقرار بالهلكة في قوله : { وإنا إليه راجعون } .
وفي المنتخب ما ملخصه : إن إسناد الإصابة إلى المصيبة ، لا إلى الله تعالى ، ليعم ما كان من الله ، وما كان من غيره .
فما كان من الله فهو داخل تحت قوله : { إنا لله } ، لأن في الإقرار بالعبودية تفويضاً للأمور إليه ، وما كان من غيره فتكليفه أن يرجع إلى الله في الإنصاف منه ، ولا يتعدى ، كأنه في الأول { إنا لله } ، يدبر كيف يشاء ، وفي الثاني : { إنا إليه } ، ينصف لنا كيف يشاء .
وقيل : { إنا لله } ، دليل على الرضا بما نزل به في الحال ، { وإنا إليه راجعون } ، دليل على الرضا في الحال بكل ما سينزل به بعد ذلك .
فالفرض : التسليم لأمر الله ، والرضا بقدره ، والصبر على أداء فرائضه .
والنفل : إظهاراً لقول { إنا لله وإنا إليه راجعون } ، وفي إظهاره فوائد منها : غيظ الكفار لعلمهم بجده في طاعة الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.