البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأۡسَنَآ إِذَا هُم مِّنۡهَا يَرۡكُضُونَ} (12)

الركض : ضرب الدابة بالرجل

{ فلما أحسوا بأسنا } أي باشروه بالإحساس والضمير في { أحسوا } عائد على أهل المحذوف من قوله { وكم قصمنا من قرية } ولا يعود على قوله { قوماً آخرين } لأنه لم يذكر لهم ذنب يركضون من أجله ، والضمير في { منها } عائد على القرية ، ويحتمل أن يعود على { بأسنا } لأنه في معنى الشدة ، فأنث على المعنى ومن على هذا السبب ، والظاهر أنهم لما أدركتهم مقدمة العذاب ركبوا دوابهم يركضونها هاربين منهزمين .

قيل : ويجوز أن شبهوا في سرعة عدوهم على أرجلهم بالراكبين الراكضين لدوابهم فهم { يركضون } الأرض بأرجلهم ، كما قال { اركض برجلك } وجواب لما { إذا } الفجائية وما بعدها ، وهذا أحد الدلائل على أن لما في هذا التركيب حرف لا ظرف ، وقد تقدم لنا القول في ذلك .