البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ وَلَكُمُ ٱلۡوَيۡلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (18)

دمغة : أصاب دماغه ، نحو كبده ورأسه أصاب كبده ورأسه .

{ بل نقذف } أي نرمي بسرعة { بالحق } وهو القرآن { على الباطل } وهو الشيطان قاله مجاهد ، وقال كل ما في القرآن من الباطل فهو الشيطان .

وقيل : بالحق بالحجة على الباطل وهو شبههم ووصفهم الله بغير صفاته من الولد وغيره .

وقيل : الحق عام في القرآن والرسالة والشرع ، والباطل أيضاً عام كذلك و { بل } إضراب عن اتخاذ اللعب واللهو ، والمعنى أنه يدحض الباطل بالحق واستعار لذلك القذف والدمغ تصويراً لإبطاله وإهداره ومحقه ، فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة مثلاً قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه أي أصاب دماغه ، وذلك مهلك في البشر فكذلك الحق يهلك الباطل .

وقرأ عيسى بن عمر { فيدمغه } بنصب الغين ، قال الزمخشري : وهو في ضعف قوله :

سأترك منزلي لبني تميم *** وألحق بالحجاز فأستريحا

وقرىء { فيدمُغه } بضم الميم انتهى .

و { لكم الويل } خطاب للكفار أي الخزي والهم مما تصفون أي تصفونه مما لا يليق به تعالى من اتخاذ الصاحبة والولد ونسبة المستحيلات إليه .

وقيل { لكم } خطاب لمن تمسك بتكذيب الرسل ونسب القرآن إلى أنه سحر وأضغاث أحلام ، وهو المعنى بقوله { مما تصفون } وأبعد من ذهب إلى أنه التفات من ضمير الغيبة في { فما زالت تلك دعواهم } إلى ضمير الخطاب .