البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا} (30)

والظاهر أن دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه وإخباره بهجر قومه قريش القرآن هو مما جرى له في الدنيا بدليل إقباله عليه مسلياً مؤانساً بقوله { وكذلك جعلنا لكل نبيّ عدواً من المجرمين } وأنه هو الكافي في هدايته ونصره فهو وعد منه بالنصر وهذا القول من الرسول وشكايته فيه تخويف لقومه .

وقالت فرقة منهم أبو مسلم إنه قوله عليه السلام في الآخرة كقوله { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً } والظاهر أن { مهجوراً } بمعنى متروكاً من الإيمان به مبعداً مقصياً من الهجر بفتح الهاء .

وقاله مجاهد والنخعي وأتباعه .

وقيل : من الهجر والتقدير { مهجوراً } فيه بمعنى أنه باطل .

وأساطير الأولين أنهم إذا سمعوه هجروا فيه كقوله { وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه } قال الزمخشري : ويجوز أن يكون المهجور بمعنى الهجر كالملحود والمعقول ، والمعنى اتخذوه هجراً والعدو يجوز أن يكون واحداً وجمعاً انتهى .