غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا} (30)

21

ثم إن الكفار لما أكثروا من الاعتراضات الفاسدة ووجوه التعنت ضاق صدر الرسول صلى الله عليه وسلم وشكاهم إلى الله عز وجل وقال : { يا رب إن قومي } يعني قريشاً { اتخذوا هذا القرآن مهجوراً } أي تركوه وصدّوا عنه وعن الإيمان به . وعن أبي مسلم أن المراد : وقال الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، يوم القيامة . روي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم " من تعلم القرآن وعلمه وعلق مصحفاً لم يتعاهده ولم ينظر فيه جاء يوم القيامة متعلقاً به يقول يا رب العالمين عبدك هذا اتخذني مهجوراً اقض بيني وبينه " وقيل : هو من هجر إذا هذى . والجار محذوف أي جعلوه مهجوراً فيه . وعلى هذا فله معنيان : أحدهما أنهم زعموا أنه كلام لا فائدة فيه . والثاني أنهم كانوا إذا سمعوه لغوا فيه . وجوز الكشاف أن يكون المهجور مصدراً بمعنى الهجر كالميسور والمجلود أي اتخذوه هجراً . سؤال : هذا النداء بمنزلة قول نوح { رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً فلم يزدهم دعائي إلا فراراً } [ نوح : 5 ] فكيف صارت شكاية نوح سبباً لحلول العذاب بأمته ولم تصر شكاية نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، سبباً لذلك ؟ الجواب أن الكلام بالتمام ، وكان من تمام كلام نوح { رب لا تذر على الأرض من الكافرين دياراً } [ نوح : 26 ] ولم يكن كلام رسولنا إلا مجرد الشكاية ولم يقتض الدعاء عليهم وذلك من غاية شفقته على الأمة وإن بلغ إيذاؤهم إياه الغاية " ما أوذي نبي مثل ما أوذيت " .

/خ50