اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا} (30)

قوله تعالى{[36008]} : { وَقَالَ الرسول يا رب إِنَّ قَوْمِي اتخذوا هذا القرآن } .

قال أكثر المفسرين : إنَّ هذا القول وقع مع الرسول . وقال أبو مسلم : بل المراد أنَّ الرسول يقوله في الآخرة كقوله : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هؤلاء شَهِيداً } [ النساء : 41 ] . والأول أولى ، لأنَّ قوله : { وَكَذَلِكَ{[36009]} جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً منَ المجرمين } تسلية للرسول ، ولا يليق ذلك إلا إذا وقع القول منه{[36010]} . و «مَهْجُوراً » مفعول ثان ل «اتَّخَذُوا »{[36011]} ، أو حال . وهو مفعول من الهجر - بفتح الهاء - وهو التَّرْكُ والبُعْدُ . أي : جعلوه متروكاً بعيداً ، لم يؤمنوا به ، ولم يقبلوه ، وأعرضوا عن استماعه . وقيل : هو من الهُجر - بالضم - أي : مهجوراً فيه . ثم حذف الجار{[36012]} بدليل قوله : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ } [ المؤمنون : 67 ] . وهجرهُم فيه : قولهم فيه{[36013]} : إنه شعر ، وسحر ، وأساطير الأولين ، وكذب وهُجْر ، أي : هذيان{[36014]} .

قال عليه السلام : «من تعلم القرآن وعلق مصحفاً ، ولم يتعاهده ، ولم ينظر فيه ، جاء يوم القيامة متعلقاً به ، يقول : يا رب العالمين عبدك هذا اتخذني مهجوراً اقض بيني وبينه »{[36015]} . وجعل الزمخشري «مَهْجُوراً »{[36016]} هنا مصدراً بمعنى الهجر قال كالمَجْلُود والمعقول{[36017]} . قال شهاب الدين : وهو غير مقيسٍ ، ضَبَطَهُ أهل اللغة في أُلَيْفاظ فلا يُتعدى إِلاَّ بنقل{[36018]} .


[36008]:تعالى: سقط من ب.
[36009]:في ب: كذلك.
[36010]:انظر الفخر الرازي 24/77.
[36011]:انظر التبيان 2/985.
[36012]:انظر الكشاف 3/96، الفخر الرازي 24/77.
[36013]:فيه: سقط من ب.
[36014]:انظر الفخر الرازي 24/77.
[36015]:أخرجه ابن حجر في الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (121)، الثعلبي من طريق أبي هدية عن أنس، وأبو هدية كذاب. وأورده ابن عطية في تفسيره 11/35 – 36، الفخر الرازي 24/77، القرطبي 13/27-28.
[36016]:في الأصل: مفعولا.
[36017]:انظر الكشاف 3/96.
[36018]:الدر المصون 5/137.