الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَٰرَبِّ إِنَّ قَوۡمِي ٱتَّخَذُواْ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ مَهۡجُورٗا} (30)

وقوله تعالى : { وَقَالَ الرسول } [ الفرقان : 30 ] .

حكاية عن قول رسول اللّه ، صلى الله عليه وسلم ، في الدنيا وتشكيهِ ما يَلْقَى من قومه . هذا قول الجمهور ، وهو الظاهر ، وقالت فرقة : هو حكاية عن قوله ذلك في الآخرة . و{ مَهْجُوراً } يحتمل : أَنْ يريدَ مُبْعَداً مقصيّاً من الهَجْر بفتح الهاء ، وهذا قول ابن زيد ، ويحْتَمَلُ : أَنْ يريدَ مقولاً فيه الهُجْرُ بضم الهاء إشارة إلى قولهم : شعر وكهانة ونحوه ؛ قاله مجاهد .

قال ( ع ) : وقول ابن زيد مُنَبِّهٌ للمؤمن على مُلازمة المُصْحَفِ ، وأَن لا يكون الغبارُ يعلوه في البيوت ، ويشتغلَ بغيره . وروى أنس عن النبي ، صلى الله عليه وسلمن أنه قال : ( مَنْ عَلَّقَ مُصْحَفاً ، ولَمْ يَتَعَاهَدْهُ جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ مُتَعَلِّقاً بِهِ يَقُولُ : يَا ربِّ ، هَذَا اتَّخَذَنِي مَهْجُوراً اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ) . وفي حلية النووي ، قال : وروينا في سنن أبي داود ومُسْنَدِ الدَّارِمِيِّ عن سعد بن عُبَادَةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قال : ( مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ ، لَقِيَ اللّه تعالى يَوْمَ القِيَامَةِ أَجْذَمَ ) ، وروينا في كتاب أبي دَاودَ والترمذيِّ عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى القَذَاةِ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ المَسْجِدِ ، وعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْباً أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَو آيَةٍ أُوتِيها رَجُلٌ ثم نَسِيَهَا ) تكلم الترمذي فيه . انتهى .