البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَإِنۡ عَصَوۡكَ فَقُلۡ إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ} (216)

ولما كان الإنذار يترتب عليه إما الطاعة وإما العصيان ، جاء التقسيم عليهما ، فكان المعنى : أن من اتبعك مؤمناً ، فتواضع له ؛ فلذلك جاء قسيمه : { فإن عصوك } فتبرأ منهم ومن أعمالهم .

وفي هذا موادعة نسختها آية السيف .

والظاهر عود الضمير المرفوع في عصوك ، على أن من أمر بإنذارهم ، وهم العشيرة ، والذي برىء منه هو عبادتهم الأصنام واتخاذهم إلهاً آخر .

وقيل : الضمير يعود على من اتبعه من المؤمنين ، أي فإن عصوك يا محمد في الأحكام وفروع الإسلام ، بعد تصديقك والإيمان بك ، { فقل إني بريء مما تعملون } ، لا منكم ، أي أظهر عدم رضاك بعملهم وإنكارك عليهم .

ولو أمره بالبراءة منهم ، ما بقي بعد هذا شفيعاً للعصاة ،