اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِنۡ عَصَوۡكَ فَقُلۡ إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ} (216)

قوله : «فَإِنْ عَصَوْكَ » : في هذه الواو وجهان :

أحدهما : أنها ضمير الكفار ، أي : فإن عصاك الكفار في أمرك لهم بالتوحيد .

والثاني : أنها ضمير المؤمنين ، أي : فإن عصاك المؤمنون في فروع الإسلام وبعض الأحكام بعد تصديقك والإيمان برسالتك ، وهذا في غاية البعد { فقل إِنِّي بريءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ } ( من الكفر وعبادة غير الله ){[38069]} {[38070]} .

فصل :

قال الجُبَّائيّ : هذا يدل على أنه - عليه السلام{[38071]} - كان بريئاً من معاصيهم ، وذلك يوجب أن الله تعالى أيضاً بريء من عملهم كالرسول ، وإلا كان مخالفة لله ، كما لو رضي عن شخص فإن الله راضٍ عنه ، وإذا كان تعالى بريئاً من عملهم فلا يكون فاعلاً له . والجواب{[38072]} : أنه تعالى بريء من المعاصي ، بمعنى أنه ما أمر بها بل نهى عنها ، فأما بمعنى أنه لا يريدها فلا نسلم ، بدليل أنه علم وقوعها ، وكل ما كان معلوم الوقوع فهو واجب الوقوع ، وإلاَّ لانقلب علمه جهلاً ، وهو محال ، والمفضي إلى المحال محال ، وعلم ما هو واجب الوقوع لا يراد عدم وقوعه ، فثبت قولنا{[38073]} .


[38069]:انظر البحر المحيط 7/47.
[38070]:ما بين القوسين سقط من ب.
[38071]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[38072]:في ب: فالجواب.
[38073]:انظر الفخر الرازي 24/173.