{ وإذا وقع القول عليهم } : أي إذا انتجز وعد عذابهم الذي تضمنه القول الأزلي من الله ، كقوله : { حقت كلمة العذاب } فالمعنى : إذا أراد الله أن ينفذ في الكافرين سابق علمه فيهم من العذاب ، أخرج لهم دابة تنفذ من الأرض .
ووقع : عبارة عن الثبوت واللزوم والقول ، إما على حذف مضاف ، أي مضمون القول ، وإما أنه أطلق القول على المقول ، لما كان المقول مؤدى بالقول ، وهو ما وعدوا به من قيام الساعة والعذاب .
وقال ابن مسعود : { وقع القول عليهم } يكون بموت العلماء ، وذهاب العلم ، ورفع القرآن . انتهى .
وروي أن خروجها حين ينقطع الخبر ، ولا يؤمر بمعروف ، ولا ينهى عن منكر ، ولا يبقى منيب ولا نائب .
وفي الحديث : « أن الدابة وطلوع الشمس من المغرب من أول الأشراط » ، ولم يعين الأول ، وكذلك الدجال ؛ وظاهر الأحاديث أن طلوع الشمس آخرها ، والظاهر أن الدابة التي تخرج هي واحدة .
وروي أنه يخرج في كل بلد دابة مما هو مثبوت نوعها في الأرض ، وليست واحدة ، فيكون قوله : { دابة } اسم جنس .
واختلفوا في ماهيتها ، وشكلها ، ومحل خروجها ، وعدد خروجها ، ومقدار ما تخرج منها ، وما تفعل بالناس ، وما الذي تخرج به ، اختلافاً مضطرباً معارضاً بعضه بعضاً ، ويكذب بعضه بعضاً ؛ فاطرحنا ذكره ، لأن نقله تسويد للورق بما لا يصح ، وتضييع لزمان نقله .
والظاهر أن قوله : { تكلمهم } ، بالتشديد ، وهي قراءة الجمهور ، من الكلام ؛ ويؤيده قراءة أبيّ : تنبئهم ، وفي بعض القراءات : تحدثهم ، وهي قراءة يحيى بن سلام ؛ وقراءة عبد الله : بأن الناس .
قال السدي : تكلمهم ببطلان سائر الأديان سوى الإسلام .
وقيل : نخاطبهم ، فتقول للمؤمن : هذا مؤمن ، وللكافر : هذا كافر .
وقيل معنى تكلمهم : تجرحهم من الكلم ، والتشديد للتكثير ؛ ويؤيده قراءة ابن عباس ، ومجاهد ، وابن جبير ، وأبي زرعة ، والجحدري ، وأبي حيوة ، وابن أبي عبلة : تكلمهم ، بفتح التاء وسكون الكاف مخفف اللام ، وقراءة من قرأ : تجرحهم مكان تكلمهم .
وسأل أبو الحوراء ابن عباس : تكلم أو تكلم ؟ فقال : كل ذلك تفعل ، تكلم المؤمن وتكلم الكافر . انتهى .
وروي : أنها تسم الكافر في جبهته وتربده ، وتمسح على وجه المؤمن فتبيضه .
وقرأ الكوفيون ، وزيد بن علي : { أن الناس } ، بفتح الهمزة ، وابن مسعود : بأن وتقدم ؛ وباقي السبعة : إن ، بكسر الهمزة ، فاحتمل الكسر أن يكون من كلام الله ، وهو الظاهر لقوله : { بآياتنا } ، واحتمل أن يكون من كلام الدابة .
وروي هذا عن ابن عباس ، وكسرت إن هذا على القول ، إما على إضمار القول ، أو على إجراء تكلمهم إجراء تقول لهم .
ويكون قوله : { بآياتنا } على حذف مضاف ، أو لاختصاصها بالله ؛ كما تقول بعض خواص الملك : خيلنا وبلادنا ، وعلى قراءة الفتح ، فالتقدير بأن كقراءة عبد الله ، والظاهر أنه متعلق بتكلمهم ، أي تخاطبهم بهذا الكلام .
ويجوز أن تكون الباء المنطوق بها أو المقدرة سببية ، أي تخاطبهم أو تجرحهم بسبب انتفاء إيقانهم بآياتنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.