{ ويوم ينفخ في الصور } : تقدم القول في الصور في سورة الأنعام ، وهذه النفخة هي نفخة الفزع .
وروى أبو هريرة أن الملك له في الصور ثلاث نفخات : نفخة الفزع ، وهو فزع حياة الدنيا وليس بالفزع الأكبر ، ونفخة الصعق ، ونفخة القيام من القبور .
وقيل : نفختان ، جعلوا الفزع والصعق نفخة واحدة ، واستدلوا بقوله : { ثم نفخ فيه أخرى } ويأتي الكلام في ذلك إن شاء الله .
وقال صاحب الغنيان : { ويوم ينفخ في الصور } للبعث من القبور والحشر ، وعبر هنا بالماضي في قوله : { ففزغ } ، وإن كان لم يقع إشعاراً بصحة وقوعه ، وأنه كائن لا محالة ، وهذه فائدة وضع الماضي موضع المستقبل ، كقوله تعالى : { فأوردهم النار } بعد قوله : { يقدم قومه يوم القيامة } { إلا من شاء الله } : أي فلا ينالهم هذا الفزع لتثبيت الله قلبه .
فقال مقاتل : هم جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت عليهم السلام .
وإذا كان الفزع الأكبر لا ينالهم ، فهم حريون أن لا ينالهم هذا .
وقال الضحاك : الحور العين ، وخزنة النار ، وحملة العرش .
وعن جابر : منهم موسى ، لأنه صعق مرة .
وقال أبو هريرة : هم الشهداء ، ورواه أبو هريرة حديثاً ، وهو : « أنهم هم الشهداء عند ربهم يرزقون » ، وهو قول ابن جبير ، قال : هم الشهداء متقلدو السيوف حول العرش .
وقيل : هم المؤمنون لقوله : { وهم من فزع يومئذ آمنون } .
قال بعض العلماء : ولم يرد في تعيينهم خبر صحيح ، والكل محتمل .
قال القرطبي : خفي عليه حديث أبي هريرة ، وقد صححه القاضي أبو بكر بن العربي ، فيعول عليه في التعيين ، وغيره اجتهاد .
وهذا النفخ هو حقيقة ، إما في القرن ، وإما في الصور ، وهو قول الأكثرين .
وقيل : يجوز أن يكون تمثيلاً لدعاء الموتى ، فإن خروجهم من قبورهم كخروج الجيش عند سماع الصوت ، فيكون ذلك مجازاً .
والأول قول الأكثرين ، وهو الصواب ، لكثرة ورود النفخ في الصور في القرآن وفي الحديث الصحيح .
وقيل : ففزع ، ليس من الفزع بمعنى الخوف ، وإنما معناه : أجاب وأسرع إلى البقاء .
{ وكل أتوه } : المضاف إليه كل محذوف تقديره : وكلهم .
وقرأ الجمهور : آتوه ، اسم فاعل ؛ وعبد الله ؛ وحمزة ، وحفص : أتوه ، فعلاً ماضياً ، وفي القراءتين روعي معنى كل من الجمع ، وقتادة : أتاه ، فعلاً ماضياً مسنداً الضمير كل على لفظها ، وجمع { داخرين } على معناها .
وقرأ الحسن ، والأعمش : دخرين ، بغير ألف .
قيل : ومعنى آتوه : حاضرون الموقف بعد النفخة الثانية ، ويجوز أن يراد رجوعهم إلى أمره وانقيادهم له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.