البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (3)

{ فليعلمن الله } ، بالامتحان ، { الذين صدقوا } في إيمانهم ، { وليعلمن الكاذبين } فيه من علم المتعدية إلى واحد فيهما ، ويستحيل حدوث العلم لله تعالى .

فالمعنى : وليتعلقن علمه به موجوداً به كما كان متعلقاً به حين كان معدوماً .

والمعنى : وليميزن الصادق منهم من الكاذب ، أو عبر بالعلم عن الجزاء ، أي وليتبين الصادق وليعذبن الكاذب .

ومعنى صدقوا في إيمانهم يطابق قولهم واعتقادهم أفعالهم ، والكاذبين ضد ذلك .

وقرأ علي ، وجعفر بن محمد : فليعلمن ، مضارع المنقولة بهمزة التعدي من علم المتعدية إلى واحد ، والثاني محذوف ، أي منازلهم في الآخرة من ثواب وعقاب ؛ أو الأول محذوف ، أي فليعلمن الناس الذين صدقوا ، أي يشهرهم هؤلاء في الخير ، وهؤلاء في الشر ، وذلك في الدنيا والآخرة ، أو من العلامة فيتعدى إلى واحد ، أي يسمهم بعلامة تصلح لهم ، كقوله : «من أسر سريرة ألبسه الله رداءها » .

وقرأ الزهري : الأولى كقراءة الجماعة ، والثانية كقراءة علي .