الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (3)

قوله : { فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُواْ } : العامَّةُ على فتح الياء مضارعَ " عَلِم " المتعديةِ لواحد . كذا قالوا . وفيه إشكالٌ تقدَّمَ غيرَ مرةٍ : وهو أنها إذا تَعَدَّتْ لمفعولٍ كانَتْ بمعنى عَرَفَ . وهذا المعنى لا يجوز إسنادُه إلى الباري تعالى ؛ لأنه يَسْتَدعي سَبْقَ جهلٍ ؛ ولأنه يتعلَّقُ بالذاتِ فقط دون ما هي عليه من الأحوالِ .

وقرأ عليٌّ وجعفرُ بن محمد بضمِّ الياءِ ، مضارعَ أَعْلم . ويحتمل أَنْ يكونَ مِنْ عَلِم بمعنى عَرَفَ ، فلمَّا جِيْءَ بهمزةِ النقلِ أَكْسَبَتْها مفعولاً آخرَ فَحُذِفَ . ثُم هذا المفعولُ يُحتمل أَنْ يكونَ هو الأولَ أي : لَيُعْلِمَنَّ اللَّهُ الناسَ الصادقين ، وليُعْلِمنَّهم الكاذبين ، أي : بشهرةٍ يُعْرَفُ بها هؤلاءِ مِنْ هؤلاء . وأن يكونَ الثاني أي : ليُعْلِمَنَّ هؤلاء منازِلَهم ، وهؤلاءِ منازلَهم في الآخرةِ . ويُحتمل أَنْ يكونَ من العلامةِ وهي السِّيمِياء ، فلا يتعدَّى إلاَّ لواحدٍ . أي : لنجعلَنَّ لهم علامةً يُعرفون بها . وقرأ الزهريُّ الأولى كالمشهورةِ ، والثانيةَ كالشاذة .