غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (3)

1

ثم مثل حال هؤلاء بحال السلف منهم قائلاً { ولقد فتنا الذين من قبلهم } أراد كذلك فعل الله بمن قبلهم لم يتركهم بمجرد قولهم " آمنا " ، بل أمرهم بالطاعات وزجرهم عن المنهيات . وقوله { فليعلمن الله } كقوله { وليعلم الله } [ الآية : 140 ] وقد مر تحقيقه في " آل عمران " . والحاصل أن التجدد يرجع إلى المعلوم لا إلى العالم ولا إلى العلم ، وذلك لأن الأول زماني دون الأخيرين . وأما عبارات المفسرين فقال مقاتل : فيرين الله وليظهرن الله . وقيل : فليميزن ، وجوز جار الله أن يكون وعداً ووعيداً كأنه قال : وليبينن الذي صدقوا وليعاقبن الكاذبين . قال الإمام فخر الدين الرازي : في وقت نزول الآية كانت الحكاية عن قوم قريبي العهد بالإسلام في أول إيجاب التكليف وعن قوم مستديمي الكفر مستمرين عليه ، فقال في حق الأوّلين { الذين صدقوا } بصيغة الفعل المنبئ عن التجدد ، وقال في حق الآخرين { وليعلمن الكاذبين } بالصيغة المنبئة عن الثبات . وإنما قال { يوم ينفع الصادقين صدقهم } [ المائدة : 119 ] بلفظ اسم الفاعل لأن الصدق يومئذ قد يرسخ في قلوب المؤمنين بخلاف أوائل الإِسلام .

/خ15