البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَمَّآ أَن جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا سِيٓءَ بِهِمۡ وَضَاقَ بِهِمۡ ذَرۡعٗاۖ وَقَالُواْ لَا تَخَفۡ وَلَا تَحۡزَنۡ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهۡلَكَ إِلَّا ٱمۡرَأَتَكَ كَانَتۡ مِنَ ٱلۡغَٰبِرِينَ} (33)

{ ولما أن جاءت رسلنا لوطاً سيء بهم وضاق بهم ذرعاً } : تقدم الكلام على مثل هذه الجملة ، إلاّ أن هنا زيدت ، أن بعد لما ، وهو قياس مطرد .

وقال الزمخشري أن صلة أكدت وجود الفعلين مترتباً أحدهما على الآخر في وقتين متجاورين لا فاصل بينهما ، كأنهما وجدا في جزء واحد من الزمان ، كأنه قيل : لما أحس بمجيئهم ، فاجأت المساءة من غير وقت خيفة عليهم من قومه . انتهى .

وهذا الذي ذكره في الترتيب هو مذهب سيبويه ، إذ مذهبه .

أن لما : حرف لا ظرف ، خلافاً للفارسي ، وهذا مذكور في علم النحو .

وقرأ العربيان ، ونافع ، وحفص : { منجوك } ، مشدداً ؛ وباقي السبعة : مخففاً ، والكاف في مذهب سيبويه في موضع جر .

{ وأهلك } : منصوب على إضمار فعل ، أي وننجي أهلك .

ومن راعى هذا الموضع ، عطفه على موضع الكاف ، والكاف على مذهب الأخفش وهشام في موضع نصب ، وأهلك معطوف عليه ، لأن هذه النون كالتنوين ، وهما على مذهبهما يحذفان للطافة الضمير وشدة طلبه الاتصال بما قبله .

وقرأ الجمهور : سيء ، بكسر السين ؛ وضمها نافع وابن عامر والكسائي .

وقرأ عيسى ، وطلحة : سوء ، بضمها ، وهي لغة بني هذيل .

وبني وبير يقولون في قيل وبيع ونحوهما : قول وبوع .