{ العنكبوت } : حيوان معروف ، ووزنه فعللوت ، ويؤنث ويذكر ، فمن تذكيره قول الشاعر :
على هطالهم منهم بيوت *** كأن العنكبوت هو ابتناها
يشبه تعالى الكفار في عبادتهم الأصنام ، وبنائهم أمورهم عليها بالعنكبوت التي تبني وتجتهد ، وأمرها كله ضعيف ، متى مسته أدنى هامة أو هامة أذهبته ، فكذلك أمر أولئك ، وسعيهم مضمحل ، لا قوة له ولا معتمد .
وقال الزمخشري : الغرض تشبيه ما اتخذوه متكلاً ومعتمداً في دينهم ، وتولوه من دون الله ، مما هو مثل عند الناس في الوهن وضعف القوة ، وهو نسج العنكبوت .
ألا ترى إلى مقطع التشبيه ، وهو قوله : { وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت } ؟ انتهى .
يعني بقوله : ألا ترى إلى مقطع التشبيه بما ذكر أولاً من أن الغرض تشبيه المتخذ بالبيت ، لا تشبيه المتخذ بالعنكبوت ؟ والذي يظهر ، هو تشبيه المتخذ من دون الله ولياً ، بالعنكبوت المتخذة بيتاً ، أي فلا اعتماد للمتخذ على وليه من دون الله ، كما أن العنكبوت لا اعتماد لها على بيتها في استظلال وسكنى ، بل لو دخلت فيه خرقته .
ثم بين حال بيتها ، وأنه في غاية الوهن ، بحيث لا ينتفع به .
كما أن تلك الأصنام لا تنفع ولا تجدي شيئاً ألبتة ، وقوله : { لو كانوا يعلمون } ، ليس مرتبطاً بقوله : { وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت } ، لأن كل أحد يعلم ذلك ، فلا يقال فيه : لو كانوا يعلمون ؛ وإنما المعنى : لو كانوا يعلمون أن هذا مثلهم ، وأن أمر دينهم بالغ من الوهن هذه الغاية لأقلعوا عنه ، وما اتخذوا الأصنام آلهة .
وقال الزمخشري : إذا صح تشبيه ما اعتمدوه في دينهم ببيت العنكبوت ، وقد صح أن أوهن البيوت بيت العنكبوت ، فقد تبين أن دينهم أوهن الأديان ، لو كانوا يعلمون ؛ أو أخرج الكلام بعد تصحيح التشبيه مخرج المجاز ، وكأنه قال : وإن أوهن ما يعتمد عليه في الدين عبادة الأوثان ، لو كانوا يعلمون .
ولقائل أن يقول : مثل المشرك الذي يعبد الوثن ، بالقياس إلى المؤمن الذي يعبد الله ، مثل عنكبوت يتخذ بيتاً ، بالإضافة إلى رجل بنى بيتاً بآجر وجص أو نحته من صخر .
فكما أن أوهن البيوت ، إذا استقريتها بيتاً بيتاً ، بيت العنكبوت ، كذلك أضعف الأديان ، إذا استقريتها ديناً ديناً ، عبادة الأوثان ، لو كانوا يعلمون . انتهى .
وما ذكره من قوله : ولقائل أن يقول إلخ .
لا يدل عليه لفظ الآية ، وإنما هو تحميل للفظ ما لا يحتمله ، كعادته في كثير من تفسيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.