{ مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء } يوالونهم ، ويتكلون عليهم حاجتهم من دون الله سواء كانوا من الجماد أو الحيوان ، ومن الأحياء أو من الأموات { كمثل العنكبوت اتخذت بيتا } لنفسها ، تأوي إليه ، وإن بيتها في غاية الضعف والوهن ، ولا يغني عنها شيئا لا في حر ، ولا قر ، ولا مطر كذلك ما اتخذوه وليا من دون الله . فإنه لا ينفعهم بوجه من وجوه النفع ولا يغني عنهم شيئا شبه حال من اتخذ الأصنام والأوثان والأحبار والرهبان أولياء وعبدها ، واعتمد عليها ، راجيا لنفعها وشفاعتها ، بحال العنكبوت التي اتخذت بيتا لا يغني عنها في مطر ولا أذى . قال الفراء : هو مثل ضربه الله لمن اتخذ من دونه آلهة لا تنفعه ولا تضره ، كما أن بيت العنكبوت لا يقيها حرا ولا بردا . قال : ولا يحسن الوقف على العنكبوت ، لأنه لما قصد بالتشبيه لبيتها الذي لا يقيها من شيء ، شبهت الآلهة التي لا تنفع ولا تضر به ، وقد جوز الوقف على العنكبوت الأخفش وغلطه ابن الأنباري ، قال لأن ( اتخذ ) صلة للعنكبوت . كأنه قال : كمثل العنكبوت التي اتخذت بيتا ، فلا يحسن الوقف على الصلة دون الموصل .
والعنكبوت تقع على الواحد والجمع ؛ والمذكر والمؤنث ، ونونه أصلية والواو والتاء مزيدتان ، بدليل قولهم في الجمع عناكيب وفي التصغير عنيكيب ، وهذا مطرد في أسماء الأجناس ؛ ويجمع على عكاب وعكبة وأعكاب وعناكب . وعنكبوتات أيضا وهي الدويبة الصغيرة التي تنسج نسجا رقيقا وقد يقال لها عنكبات ، والغالب في استعماله التأنيث .
{ وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت } لا بيت أضعف منه ، مما يتخذه الهوام بيتا ، ولا يدانيه في الوهن ، والوهن شيء من ذلك ، فإن الريح إذا هبت عليه أو لمسه لامس فلا يبقى له عين ولا أثر فكما أن أوهن البيوت بيته كذلك أضعف الأديان دين عبدة الأوثان ، ومن يعبد غير الله أو يتخذه وليا وأربابا من دونه كمقتدي الأحبار والرهبان ومقلديهم .
{ لو كانوا يعلمون } أن اتخاذهم الأولياء من دون الله كاتخاذ العنكبوت بيتا ، وأن أمر دينهم بلغ هذه الغاية من الوهن ما عبدوها ، أو لو كانوا يعلمون شيئا من العلم لعلموا لهذا . قال ابن عباس في الآية : ذاك مثل ضربه الله لمن عبد غيره أن مثله كمثل بيت العنكبوت .
وأخرج أبو داود في مراسيله . عن يزيد بن مرثد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العنكبوت شيطان مسخه الله ، فمن وجدها فليقتلها " وعن يزيد بن ميسرة قال " العنكبوت شيطان " .
وأخرج الخطيب عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " دخلت أنا وأبو بكر الغار ، فاجتمعت العنكبوت فنسجت باب فلا تقتلوهن " .
وروى القرطبي في تفسيره عن عليّ أنه قال : طهروا بيوتكم من نسج العنكبوت فإن تركه في البيوت يورث الفقر ، وعن عطاء الخراساني قال : نسجت العنكبوت مرتين مرة على داود عليه السلام ، ومرة على النبي صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.