تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَيۡتٗاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُيُوتِ لَبَيۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (41)

الآية 41 وقوله تعالى : { مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا } يشبه أن يكون ضرب مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء ببيت العنكبوت : هم الرؤساء منهم والمتبوعون .

يقول ، والله أعلم : مثل اتخاذكم أولئك أولياء من دون الله وما تأملون منهم كمثل بيت العنكبوت ، لا ينفع ، ولا يغني ما يؤمل من البيت من دفع الحر والبرد وغيره .

فعلى ذلك اتخاذكم وأتباعكم هؤلاء أولياء من دون الله مثل ما ذكر ، لا ينفع ، ولا يغني ، ولا يدفع عنكم ما ينزل بكم ، وهو ما قال : { إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض } الآية [ العنكبوت : 25 ] ظاهر ما ذكر من الأولياء أن يكون المتبوعون( {[15782]} ) منهم .

وجائز أن تكون الأصنام التي اتخذوها آلهة ضرب مثل عبادتهم الأصنام واتخاذهم إياها آلهة ببيت العنكبوت ؛ وذلك أن العنكبوت اتخذت البيت رجاء أن تنتفع [ به كما ينتفع ]( {[15783]} ) بالبيوت في دفع الحر والبرد والستر والحجاب . فلما أن وقعت الحاجة إليه لم تنتفع بما كانت تأمل منه في شيء مما كانت تأمل .

فعلى ذلك هؤلاء الذين اتخذوا الأصنام آلهة ومعبودات( {[15784]} ) رجاء أن ينفعهم ذلك . فلما وقعت الحاجة لم يجدوا ما كانوا يأملون من عبادتهم [ واتخاذهم إياها ]( {[15785]} ) آلهة .

بل في بيت العنكبوت للعنكبوت شيء من المنفعة ، وليس لأولئك العبدة بتلك الأصنام شيء ، مما كانوا يأملون ؛ فهي دون بيت العنكبوت في المنفعة .

لكنه ، والله أعلم ، ضرب مثلها ببيت العنكبوت لما لا شيء أوهن وأضعف عند الخلق من بيتها . وهو ما شبه أعمال الكفرة برماد { اشتدت به الريح } [ إبراهيم : 18 ] وبسراب { بقيعة } [ النور : 39 ] لما ليس شيء أضيع ولا أبعد في الوجود والقدرة عليه في الوهم مما ذكر ، فشبه أعمالهم به .

فعلى ذلك تشبيه أولئك الأصنام آلهة وأولياء من دون الله ببيت العنكبوت ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت } أي أضعف وأبعد من المنفعة بيت العنكبوت .

فعلى ذلك عبادتهم الأصنام واتخاذهم إياها معبودات( {[15786]} ) وآلهة أوهن وأبعد مما يأملون { لو كانوا يعلمون } أي لو كانوا يعلمون ضعفها وعجزها ، والله أعلم .


[15782]:في الأصل وم: المتبوعين.
[15783]:من م، ساقطة من الأصل.
[15784]:في الأصل وم: معبودا.
[15785]:في الأصل وم: إياها واتخاذهم.
[15786]:في الأصل وم: معبودا.