{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } والظاهر أن الصلاة هي المعهود ، والمعنى : من شأنها أنها إذا أدّيت على ما يجب من فروضها وسننها والخشوع فيها ، والتدبر لما يتلو فيها ، وتقدير المثول بين يدي الله تعالى ، أن { تنهى عن الفحشاء والمنكر } .
وقال ابن عباس ، والكلبي ، وابن جريج ، وحماد بن أبي سليمان : تنهى ما دام المصلي فيها .
وقال ابن عمر : الصلاة هنا القرآن .
وقال ابن بحر : الصلاة : الدعاء ، أي أقم الدعاء إلى أمر الله ، وأما من تراه من المصلين يتعاطى المعاصي ، فإن صلاته تلك ليست بالوصف الذي تقدم .
وفي الحديث " أن فتى من الأنصار كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يدع شيئاً من الفواحش والسرقة إلا ارتكبه ، فقيل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : «إن صلاتها تنهاه » .
فلم يلبث أن تاب وصلحت حاله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ألم أقل لكم ؟ » " ولا يدل اللفظ على أن كل صلاة تنهى ، بل المعنى ، أنه يوجد ذلك فيها ، ولا يكون على العموم .
كما تقول : فلان يأمر بالمعروف ، أي من شأنه ذلك ، ولا يلزم منه أن كل معروف يأمر به .
والظاهر أن { أكبر } أفعل تفضيل .
فقال عبد الله ، وسلمان ، وأبو الدرداء ، وابن عباس ، وأبو قرة : معناه ولذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه .
وقال قتادة ، وابن زيد : أكبر من كل شيء ؛ وقيل : ولذكر الله في الصلاة أكبر منه خارج الصلاة ، أي أكبر ثواباً ؛ وقيل : أكبر من سائر أركان الصلاة ؛ وقيل : ولذكر الله نهيه أكبر من نهي الصلاة ؛ وقيل : أكبر من كل العبادة .
وقال ابن عطية : وعندي أن المعنى : ولذكر الله أكبر على الإطلاق ، أي هو الذي ينهى عن الفحشاء والمنكر ، والجزء الذي منه في الصلاة ينهى ، كما ينهى في غير الصلاة ، لأن الانتهاء لا يكون إلاّ من ذاكر الله مراقبه ، وثواب ذلك الذاكر أن يذكره الله في ملأ خير من ملائه ، والحركات التي في الصلاة لا تأثير لها في النهي ، والذكر النافع هو مع العلم وإقبال القلب وتفرغه إلا من الله .
وأما ما لا يجاوز اللسان ففي رتبة أخرى .
وقال الزمخشري : يريد والصلاة أكبر من غيرها من الطاعات ، وسماها بذكر الله ، كما قال : { فاسعوا إلى ذكر الله } وإنما قال : { ولذكر الله } ، لتستقل بالتعليل ، كأنه قال : والصلاة أكبر ، لأنها ذكر الله مما تصنعون من الخير والشر فيجازيكم ، وفيه وعيد وحث على المراقبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.