البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ} (25)

{ ومن آياته أن تقوم } : أن تثبت وتمسك ، مثل : وإذا أظلم عليهم قاموا : أي ثبتوا بأمره ، أي بإرادته .

وإذا الأولى للشرط ، والثانية للمفاجأة جواب الشرط ، والمعنى : أنه لا يتأخر طرفة عين خروجكم عن دعائه ، كما يجيب الداعي المطيع مدعوه ، كما قال الشاعر :

دعوت كليباً دعوة فكأنما *** دعوت قرين الطود أو هو أسرع

قرين الطود : الصدا ، أو الحجران أيد هذا .

والطود : الجبل .

و { الدعوة } : البعث من القبور ، و { من الأرض } يتعلق بدعاكم ، و { دعوة } : أي مرة ، فلا يحتاج إلى تكرير دعاءكم لسرعة الإجابة .

وقيل : { من الأرض } صفة لدعوة .

وقال ابن عطية : ومن عندي هنا لانتهاء الغاية ، كما يقول : دعوتك من الجبل إذا كان المدعو في الجبل . انتهى .

وكون من لانتهاء الغاية قول مردود عند أصحابنا .

وعن نافع ويعقوب : أنهما وقفا على دعوة ، وابتدآ من الأرض .

{ إذا أنتم تخرجون } علقاً من الأرض بتخرجون ، وهذا لا يجوز ، لأن فيه الفصل بين الشرط وجوابه ، بالوقف على دعوة فيه إعمال ما بعد إذا الفجائية فيما قبلها ، وهو لا يجوز .

وقال الزمخشري : وقوله : { إذا دعاكم } بمنزلة قوله : { يريكم } في إيقاع الجملة موقع المفرد على المعنى ، كأنه قال : ومن آياته قيام السموات والأرض ، ثم خروج الموتى من القبور إذا دعاهم دعوة واحدة : يا أهل القبور أخرجوا ، وإنما عطف هذا على قيام السموات والأرض بثم ، بياناً لعظيم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يا أهل القبور قوموا ، فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر . انتهى .

وقرأ حمزة والكسائي : تخرجون ، بفتح التاء وضم الراء ؛ وباقي السبعة : بضمها وفتح الراء .

/خ25