البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالَ قَرِينُهُۥ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} (23)

{ وقال قرينه } : أي من زبانية جهنم ، { هذا } : العذاب الذي لدي لهذا الإنسان الكافر ، { عتيد } : حاضر ، ويحسن هذا القول إطلاق ما على ما لا يعقل .

وقال قتادة : قرينه : الملك الموكل بسوقه ، أي هذا الكافر الذي أسوقه لديّ حاضر .

وقال الزهراوي : وقيل قرينه : شيطانه ، وهذا ضعيف ، وإنما وقع فيه أن القرين في قوله : { ربنا ما أطغيته } هو شيطانه في الدنيا ومغويه بلا خلاف .

ولفظ القرين اسم جنس ، فسائقه قرين ، وصاحبه من الزبانية قرين ، ومماشي الإنسان في طريقة قرين .

وقيل : قرينه هنا : عمله قلباً وجوارحاً .

وقال الزمخشري : وقال قرينه : هو الشيطان الذي قيض له في قوله { نقيض له شيطاناً فهو له قرين } يشهد له قوله تعالى : { قال قرينه ربنا ما أطغيته } ، { هذا ما لدي عتيد } ، هذا شيء لدي ، وفي ملكتي عتيد لجهنم .

والمعنى : أن ملكاً يسوقه ، وآخر يشهد عليه ، وشيطاناً مقروناً به يقول : قد أعتدته لجهنم وهيأته لها بإغواي وإضلالي .

انتهى ، وهذا قول مجاهد .

وقال الحسن ، وقتادة أيضاً : الملك الشهيد عليه .

وقال الحسن أيضاً : هو كاتب سيئاته ، وما نكرة موصوفة بالظرف وبعتيد وموصولة ، والظرف صلتها .

وعتيد ، قال الزمخشري : بدل أو خير بعد خبر ، أو خبر مبتدأ محذوف . انتهى .

وقرأ الجمهور : عتيد بالرفع ؛ وعبد الله : بالنصب على الحال ، والأولى إذ ذاك أن تكون ما موصولة .