اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالَ قَرِينُهُۥ هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ} (23)

قوله تعالى : { وَقَالَ قَرِينُهُ هذا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } قيل : المراد بالقرين : الملك الموكل به وهو القعيد والشهيد الذي سبق ذكره { هذا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } يريد كتاب أعماله معدٌّ محضَرٌ . وقيل : المراد بالقرين الشيطان الذي زين له الكفر والعصيان بدليل قوله : { وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم مَّا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } [ فصلت : 25 ] وقال : { نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ } [ الزخرف : 36 ] وقال تعالى : { فَبِئْسَ القرين } [ الزخرف : 38 ] فالإشارة بهذا السَّوْق إلى المرتكب للفجور والفسوق . والقعيد معناه المعتد{[52405]} الناد ومعناه أن الشيطان يقول : هذا العاصي شيء هو عندي معتد{[52406]} لجهنم أعتدته لها بالإغواء والإضلال{[52407]} .

قوله : { هذا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } يجوز أن تكون «ما » نكرة موصوفة و«عتيد » صفتها و«لَدَيَّ » متعلق بعَتِيدٍ أي هذا شيء عتيدٌ لدي أي حاضر عندي ويجوز على هذا أن يكون «لَدَيَّ » وصفاً ل «ما » و«عتيد » صفة ثانية ، أو خبر مبتدأ محذوف أي هو عتيدٌ ، ويجوز أن تكون موصولة بمعنى الذي و«لَدَيّ » صلتها ولَدَيَّ{[52408]} خبر الموصول والموصول وصلته خبر الإشارة{[52409]} ويجوز أن تكون «ما » بدلاً من هذا موصولة كانت أو موصوفة ب «لَدَيَّ » و«عتيد » خبر «هذا »{[52410]} . وجوز الزمخشري في «عتيد » أن يكون بدلاً أو خبراً بعد خبر أو خبَر مبتدأ محذوف{[52411]} . والعامة على رفعه ، وعبد{[52412]} الله نصبه حالاً{[52413]} . والأجود حينئذ أن تكون «ما » موصولة ؛ لأنها معرفة والمعرفة يكثر مجيء الحال منها{[52414]} . قال أبو البقاء : «ولو جاز ذلك في غير القرآن لجاز نصبُهُ على الحال »{[52415]} كأنَّه لم يطلعْ عليها قراءةً .


[52405]:في (ب) كذلك وفي الرازي: المعد معد.
[52406]:وانظر الرازي 28/165.
[52407]:وانظر الرازي 28/165.
[52408]:الأصح كما في (ب) عتيد.
[52409]:وهو هذا.
[52410]:قال بهذا الإعراب كله أبو البقاء في التبيان 1175 وانظر ومشكل إعراب القرآن لمكي 2/320.
[52411]:قال... وإن جعلتها موصوله فهو بدل أو خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف الكشاف 4/7.
[52412]:هو ابن مسعود.
[52413]:شاذة قال بها في كتابه أبو حيان 8/126، وابن خَالَويه في المختصر 144.
[52414]:البحر المحيط المرجع السابق.
[52415]:التبيان 1175.