أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

شرح الكلمات :

{ والعصر } : أي الدهر كله .

المعنى :

قوله تعالى { والعصر } الآيات الثلاث تضمنت هذه الآيات حكما ومحكوما عليه ومحكوما به : فالحكم هو ما حكم به تعالى على الإِنسان مل الإِنسان من النقصان والخسران ، والمحكوم عليه هو الإِنسان ابن آدم ، والمحكوم به هو الخسران لمن لم يؤمن ويعمل صالحا ، والربح والنجاة من الخسران لمن آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ، فقوله تعالى { والعصر } هو قسم أقسم الله به ، والعصر هو الدهر كله ليله ونهاره ، وصبحه ومساؤه ، وجواب القسم قوله تعالى { إن الإِنسان لفي خسر } .

الهداية :

من الهداية :

1- فضيلة سورة العصر لاشتمالها على طريق النجاة في ثلاث آيات ، حتى قال الإِمام الشافعي : لو ما أنزل الله تعالى على خلقه حجة إلا هذه السورة لكفتهم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلۡعَصۡرِ} (1)

مقدمة السورة:

هذه السورة مكية ، وآياتها ثلاث .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ والعصر 1 إن الإنسان لفي خسر 2 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } .

هذه السورة القصيرة في آياتها ، القليلة في كلماتها ، مثال على روعة القرآن وكمال معناه . لا جرم أن هذه السورة بعظيم اتساقها وترابطها ، وقوة مبناها ، وفخامة ألفاظها وحروفها ، وحلاوة نظمها ، وما هي عليه من سمو المعنى وجليل المقصود ، لهي برهان ساطع يكشف عن حقيقة هذا الكتاب الحكيم ، وأنه المعجز الفذ الذي لا يضاهى ولا يعارض .

لقد ذكر أن عمرو بن العاص- وكان مشركا - وفد على مسيلمة الكذاب بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقبل أن يسلم عمرو ، فقال له مسيلمة : ماذا أنزل على صاحبكم في هذه المدة ؟ فقال : لقد أنزل عليه سورة وجيزة بليغة . فقال : وما هي ؟ فقال : { والعصر 1 إن الإنسان لفي خسر 2 إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر } ففكر مسيلمة هنيهة ثم قال : وقد أنزل علي مثلها ، فقال له عمرو : وما هو ؟ فقال : يا وبر . إنما أنت أذنان وصدر . وسترك حفر نقر . ثم قال : كيف ترى يا عمرو ؟ فقال له عمرو : والله إنك لتعلم أني أعلم أنك تكذب . والوبر ، دويبة تشبه الهرّ أعظم شيء فيه أذناه ، وصدره .

ذلك من هذيان هذا الكاذب الأفّاك مسيلمة ، يريد به معارضة القرآن الكريم في كمال نظمه ، وجمال أسلوبه ، وسمو معناه ، وإشراق كلماته وحروفه ، لكن تخريصه المصطنع لم يرج على عمرو بن العاص إبان شركه وعبادته الأوثان في ذلك الزمان .

قوله : { والعصر } يقسم الله بالعصر ، وهو الدهر ، أو الزمان بأيامه ولياليه ، وما يجري خلاله من مختلف التصرفات والأحوال ، وتبدل الظروف والأحداث ، وفي ذلك من الدلالة على قدرة الصانع ما لا يخفى . وقيل : المراد بالعصر صلاة العصر .