أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا لَا يَخۡفَوۡنَ عَلَيۡنَآۗ أَفَمَن يُلۡقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيۡرٌ أَم مَّن يَأۡتِيٓ ءَامِنٗا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ ٱعۡمَلُواْ مَا شِئۡتُمۡ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (40)

شرح الكلمات :

{ يلحدون في آياتنا } : أي يجادلون فيها ويميلون بها فيؤولونها على غير تأويلها لإبطال حق أو إحقاق باطل .

{ لا يخفون علينا } : أي إنهم مكشوفون أمامنا وسوف نبطش بهم جزاء إلحادهم .

{ أم من يأتي آمنا يوم القيامة } : أي نعم الذي يأتي آمناً يوم القيامة خير ممن يلقى في النار .

{ اعملوا ما شئتم } : هذا تهديد لهم على إلحادهم وليس إذناً لهم في العمل كما شاءوا .

المعنى :

يتوعد الجبار عز وجل الذين يلحدون في آيات كتابه بالتحريف والتبديل والتغيير بأنهم لا يخفون عليه ، وأنه سينزل بهم نقمته إن لم يكفوا عن إلحادهم .

وقوله : أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة إذا كان لا يوجد عاقل يقول الذي يلقى في النار خير ممن يأتي آمناً يوم القيامة فالإِلقاء في النار سببه الكفر والإِلْحاد والباطل فليترك هذه من أراد النجاة من النار ، والأمن يوم القيامة من كل خوف من النار وغيرها سببه الإِيمان والتوحيد فليؤمن ويوحد الله تعالى في عبادته ولا يلحد في آياته من أراد الأمن يوم القيامة بعلمه أنه خير من الإِلقاء في النار . هذا أسلوب في الدعوة عجيب انفرد به القرآن الكريم .

وقوله تعالى : { اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير } هذا الكلام للمستهترين بالأحكام الشرعية المستخفين بها فهو تهديد لهم وليس إذناً وإباحة لهم أن يفعلوا ما شاءوا من الباطل والشرك والشر ، ويدل على التهديد قوله بعد إنه بما تعملون بصير .

الهداية :

من الهداية :

- حرمة الإِلحاد في آيات الله بالميل بها عن القصد والخروج بها إلى الباطل .

- التهديد الشديد لكل من يحرف آيات الله عن القصد والخروج بها إلى الباطل .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلۡحِدُونَ فِيٓ ءَايَٰتِنَا لَا يَخۡفَوۡنَ عَلَيۡنَآۗ أَفَمَن يُلۡقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيۡرٌ أَم مَّن يَأۡتِيٓ ءَامِنٗا يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ ٱعۡمَلُواْ مَا شِئۡتُمۡ إِنَّهُۥ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٌ} (40)

قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آَيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ( 40 ) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ( 41 ) لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ( 42 ) مَا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ } .

{ يُلْحِدُونَ } يميلون إلى الحق ، من الإلحاد وهو الميل والعدول ، ومنه اللحد في القبر وهو الحفر في شق ، وألحدَ في دين الله أي أحاد عنه وعدل ، ويراد بالملحد المنحرف عن الحق إلى الباطل . {[4065]} وذلك تهديد من الله للمشركين الذين يميلون عن الإيمان بالله ورسوله ويجتنبون عقيدة التوحيد الخالص وُحادُّون الله ورسوله والمؤمنين ويتمالئون على كتاب الله بالتشكيك والتكذيب والتشويش ؛ أولئك يتوعدهم الله بقوله : { لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا } الله يعلمهم ، ويعلم كيدهم ومكرهم ؛ إذْ لا يخفى منم أحد على الله الذي لا يخفى عليه شيء ، وهو لهم بالمرصاد ، ثم أخبر تعالى عما هو فاعل بهم مما تهددهم به من سوء العذاب فقال : { أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آَمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ } استفهام تقرير ينبِّهُ الله به إلى أن الجاحدين المكذبين الذي يكيدون لدين الله ولكتابه الحكيم صائرون إلى النار ؛ إذ يلقون فيها على وجوههم لينالوا فيها العذاب الأليم ، وذلك بخلاف المؤمنين المخبتين الذين استسلموا لأمر الله واخلصوا له الطاعة والعبادة فإنهم يأتون يوم القيامة آمنين مطمئنين فلا يمسهم العذاب ولا هم يحزنون .

على أن المراد بذلك العموم ، فالآية تعم سائر المكذبين الجاحدين الذين يُلْحِدُون في آيات الله بالتكذيب والصدِّ والإعراض ، وكذلك تعم سائر المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله والتزموا شرع الله ومنهجه العظيم وهو الإسلام .

قوله : { اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ } وهذا وعيد آخر لهؤلاء المكذبين الذين يُشاقّون الله ورسوله والمؤمنين ؛ أي اعملوا ما شئتم من سوء الأعمال التي تُفْضِي بكم إلى النار { إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .


[4065]:مختار لصحاح ص 593 وتفسير الرازي ج 27 ص 132