أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَٱلَّـٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ وَٱلَّـٰٓـِٔي لَمۡ يَحِضۡنَۚ وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ يُسۡرٗا} (4)

شرح الكلمات :

{ واللائي يئسن من المحيض } : والنسوة اللائي يئسن من الحيض .

{ إن ارتبتم } : أي شككتم في عدتهن .

{ واللائي لم يحضن } : أي لكبر سن أو صغر سن .

{ وأولات الأحمال } : أي ذوات الأحمال : النساء الحوامل .

{ أجلهن } : أي في انقضاء عدتهن أن يضعن حملهن .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في بيان أحكام الطلاق والرجعة والعدة فقال تعالى : { واللائي يئسن من المحيض } أي لكبر سنهن كمن تجاوزت الخمسين من عمرها إذا طلقت بعد الدخول بها . إن ارتبتم أيها المؤمنون في مدة عدتهن ، فعدتهن ثلاثة أشهر . واللائي لم يحضن أي لصغرهن كذلك ، عدتهن ثلاثة أشهر وقوله { وأولات الأحمال } أي الحوامل إن طلقن أو مات عنهن أزواجهن أجلهن في انقضاء عدتهن أن يضعن حملهن أي وضع حملهن فمتى ولدت ما في بطنها من جنين فقد انقضت عدتها ولو وضعته قبل استكمال التسعة أشهر ، إن لم تتعمد إسقاطه بالإجهاض المعروف اليوم عند الكوافر والكافرين .

وقوله تعالى : { ومن يتق الله } أي منكم أيها المؤمنون في هذه الأحكام المتعلقة بالطلاق والرجعة والعدة فلا يخالف أمره في ذلك يكافئه الله تعالى من فضله فيجعل له من أمره يُسرا فيسهل عليه أمره ويرزقه ما تقر به عينه ويصلح به شأنه .

الهداية :

من الهداية :

بيان العدة وهي كالتالي :

- متوفى عنها زوجها وهي غير حامل عدتها : أربعة أشهر وعشر ليال .

- متوفى عنها زوجها وهى حامل : عدتها وضع حملها .

- مطلقة لا تحيض لكبر سنها أو لصغر سنها وقد دخل بها : عدتها ثلاثة أشهر .

- مطلقة تحيض عدتها ثلاثة قروء أي تحيض تبتدئ بالحيضة التي بعد الطهر الذي طلقت فيه . أو ثلاثة أطهار كذلك الكل واسع ولفظ القرء مشترك دال على الحيض وعلى الطهر .

- بين أن أحكام الطلاق والرجعة والعدد مما أوحى الله به وأنزله في كتابه فوجب العمل به ولا يحل تبديله أو تغييره باجتهاد أبدا .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَٱلَّـٰٓـِٔي يَئِسۡنَ مِنَ ٱلۡمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمۡ إِنِ ٱرۡتَبۡتُمۡ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَٰثَةُ أَشۡهُرٖ وَٱلَّـٰٓـِٔي لَمۡ يَحِضۡنَۚ وَأُوْلَٰتُ ٱلۡأَحۡمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعۡنَ حَمۡلَهُنَّۚ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجۡعَل لَّهُۥ مِنۡ أَمۡرِهِۦ يُسۡرٗا} (4)

قوله تعالى : { والاّئي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر والاّئي لم يحضن وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا 4 ذلك أمر الله أنزله إليكم ومن يتق الله يكفّر عنه سيئاته ويعظم له أجرا } .

يبين الله في هذه الآية عدة صنفين من النساء ، فالصنف الأول ، النساء الآيسات وهن اللواتي انقطع عنهن الحيض فلا يحضن . والصنف الثاني ، النساء الصغيرات اللواتي لم يبلغن سن الحيض . فعدة هذين الصنفين من النساء ثلاثة أشهر . وهو قوله : { والاّئي يئسن من المحيض من نسائكم } يعني اللاتي انقطع عنهن الحيض لكبرهن { إن ارتبتم } أي إن شككتم فلم تدروا ما الحكم فيهن أو كيفية عدتهن { فعدتهن ثلاثة أشهر } وذلك بدلا من الثلاثة قروء في حق النساء والحوائض .

وقيل : إن أبي بن كعب قال : يا رسول الله إن عددا من عدد النساء لم تذكر في الكتاب : الصغار والكبار وأولات الأحمال . فأنزل الله عز وجل الآية .

قوله : { والاّئي لم يحضن } مبتدأ وخبره محذوف لدلالة خبر الأول عليه : يعني والصغيرات من النساء اللاتي لم يحضن فعدتهن ثلاثة أشهر{[4564]} .

قوله : { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } أولات الأحمال مبتدأ ، ومفرد أولات ، ذات . وأجلهن ، مبتدأ ثان ، و { أن يضعن حملهن } خبر المبتدأ الثاني ، والمبتدأ الثاني وخبره ، خبر عن المبتدأ الأول ، ويجوز أن يكون أجلهن بدلا من أولات{[4565]} .

والمعنى أن كانت حاملا فعدتها بوضع حملها ولو كان عقيب الطلاق أو الموت بوقت قصير . وهو قول الجمهور من علماء السلف والخلف وذلك لعموم هذه الآية والحديث سبيعة الأسلمية . فقد أرسل ابن عباس إلى أم سلمة يسألها عن ذلك فقالت : قتل زوج سبيعة الأسلمية وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخرج الإمام أحمد عن المسور بن مخرمة أن سبيعة الأسلمية توفي عنها زوجها وهي حامل فلم يمكث إلا ليالي حتى وضعت فلما تعلّت من نفاسها خطبت فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح فأذن لها أن تنكح فنكحت .

وروي عن علي وابن عباس ( رضي الله عنهم ) أنهما ذهبا في المتوفى عنها زوجها أنها تعتد بأبعد الأجلين من الوضع أو الأشهر عملا بهذه الآية والتي في سورة البقرة . والصحيح قوله الجمهور بما بيناه من دليل .

قوله : { ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا } من يخش الله فيهتد بهديه ويلتزم أوامره وأحكام دينه . ويجتنب معاصيه فإن الله ( جل وعلا ) يسهّل له أمره ويجعل له فرجا ومخرجا من كروبه ومشكلاته ويكتب له التوفيق والخير والنجاة .


[4564]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 444.
[4565]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 44.