{ هو أقسط عند الله } : أي أعدل .
{ فإخوانكم في الدين ومواليكم } : أي أُخوة الإِسلام وبنو عمكم فمن لم يعرف أبوه فقولوا له : يا أخي أو ابن عمي .
{ ليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } : أي لا حرج ولا اثم في الخطأ ، فمن قال للدعي خطأ يا ابن فلان فلا إثم عليه .
{ ولكن ما تعمدت قلوبكم } : أي الاثم والحرج في التعمد بأن ينسب الدعي لمن ادعاه .
{ وكان الله غفوراً رحيما } : ولذا لم يؤاخذكم بالخطأ ولكن بالتعمد .
وقوله تعالى في الآية ( 5 ) من هذا السياق { ادعوهم لآبائهم } أي ادعوا الأدعياء لآبائهم أي انسبوهم لهم يا فلان بن فلان . فإِن دعوتهم إلى آبائهم أقسط وأعدل في حكم الله وشرعه . { فإِن لم تعلموا آباءهم فإِخوانكم في الدين } فادعوهم باسم الإِخوة الإِسلامية فقولوا هذا أخي في الإِسلام . { ومواليكم } أي بنو عمكم فادعوهم بذلك فقولوا يا بن عمي وإن كان الدعي ممن حررتموه فقولوا له مولاي { وليس عليكم جناح } أي إثم أو حرج { فيما أخطأتم به } من قول أحدكم للدعي ليس ابن فلان لمن ادعاه خطأ لسان بدون قصد ، أو ظناً منكم أنه ابنه وهو في الواقع ليس ابنه ولكن الاثم في التعمد والقصد المتعمد ، وقوله { وكان الله غفورا رحيما } أي غفوراً لمن تاب رحيما لم يعاجل بالعقوبة من عصى لعله يتوب ويرجع .
وجوب دعاء الدعي المتبنَّى بأبيه إن عُرف ولو كان حماراً .
إن لم يعرف لمدعي أب دُعي بعنوان الإِخوة الإِسلامية ، أو العمومية أو المولوية .
رفع الحرج والإِثم في الخطأ عموما وفيما نزلت في الآية الكريمة خصوصا وهو دعاء الدعي باسم مُدعيه سبق لسان بدون قصد ، أو بقصد لأنه يرى أنه ابنه وهو ليس ابنه .
ولما كان كأنه قيل : فما تقول ؟ اهدنا إلى سبيل الحق في ذلك ، أرشد إلى أمر التبني إشارة إلى أنه هو المقصود في هذه السورة لما يأتي بعد من آثاره التي هي المقصودة{[55046]} بالذات بقوله : { ادعوهم } أي الأدعياء { لآبائهم } أي إن علموا ولداً قالوا : زيد بن حارثة ؛ ثم علله بقوله : { هو } أي هذا الدعاء { أقسط } أي أقرب إلى العدل من التبني وإن كان إنما هو لمزيد الشفقة على المتبني والإحسان إليه { عند الله } أي الجامع لجميع صفات الكمال ، فلا ينبغي أن يفعل في ملكه إلا ما هو أقرب إلى الكمال ، وفي هذا بالنسبة إلى ما مضى بعض التنفيس عنهم ، وإشارة إلى أن ذلك التغليظ بالنسبة إلى مجموع القولين المتقدمين .
ولما كانوا قد يكونون{[55047]} مجهولين ، تسبب عنه قوله : { فإن لم تعلموا آباءهم } لجهل أصلي{[55048]} أو طارئ { فإخوانكم في الدين } إن كانوا دخلوا في دينكم { ومواليكم } أي أرقاؤكم مع بقاء الرق أو مع العتق على كلتا الحالتين ، ولذا قالوا : سالم مولى أبي حذيفة . ولما نزل هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم فالجنة عليه حرام " - أخرجه الشيخان{[55049]} عن سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة رضي الله عنهما .
ولما كانت عادتهم الخوف مما سبق من أحوالهم على النهي لشدة ورعهم ، أخبرهم أنه تعالى أسقط عنهم ذلك لكونه خطأ ، وساقه على وجه يعم ما بعد النهي أيضاً{[55050]} فقال : { وليس عليكم جناح } أي إثم وميل واعوجاج ، وعبر بالظرف ليفيد أن الخطأ لا إثم فيه بوجه ، ولو عبر بالباء لظن أن فيه إثماً ، ولكنه عفا عنه فقال : { فيما أخطأتم به } أي من الدعاء بالبنوة والمظاهرة أو في شيء قبل النهي أو بعده ، ودل قوله : { ولكن ما } أي الإثم فيما { تعمدت قلوبكم } على زوال الحرج أيضاً فيما وقع بعد النهي على سبيل النسيان أو سبق اللسان ، ودل تأنيث الفعل على أنه لا يتعمده{[55051]} بعد البيان الشافي{[55052]} إلا قلب فيه رخاوة الأنوثة ، ودل جمع الكثرة على عموم الإثم إن لم ينه المتعمد .
ولما كان هذا الكرم خاصاً بما تقدمه ، عم سبحانه بقوله : { وكان الله } أي لكونه لا أعظم منه ولا{[55053]} أكرم منه { غفوراً رحيماً * } أي من صفته الستر البليغ على المذنب التائب ، والهداية العظمية للضال الآئب ، والإكرام بإيتاء الرغائب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.