بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمۡۚ وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (5)

{ ادعوهم لآبائهم } يعني : انسبوهم لآبائهم . فقالوا : زيد بن حارثة { هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله } يعني : أعدل عند الله عز وجل { فإن لم تعلموا آباءهم } يعني : إن لم تعلموا لهم آباء تنسبونهم إليهم { فَإِخوَانُكُمْ فِي الدين } أي : قولوا ابن عبد الله وابن عبد الرحمن { ومواليكم } يعني : قولوا مولى فلان فلان . وكان أبو حذيفة أعتق عبداً يقال له : سالم وتبناه ، فكانوا يسمونه سالم بن أبي حذيفة . فلما نزلت هذه الآية سموه سالماً مولى أبي حذيفة .

ثم قال : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } يعني : أن تنسبوهم إلى غير آبائهم قبل النهي . ويقال : ما جرى على لسانهم بعد النهي ، لأن ألسنتهم قد تعودت بذلك { ولكن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } يعني : ولكن الجناح فيما قصدت قلوبكم بعد النهي .

وروي عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «تَجَاوَزَ الله عَنْ أمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ » . وروي عن سعد بن أبي وقاص : أنه حلف باللات والعزى ناسياً . فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم " فأمره أن ينفث عن يساره ثلاثاً ، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم " .

ثم قال : { وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً } يعني : { غفوراً } لمن أخطأ ثم رجع { رَّحِيماً } بهم .