فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمۡۚ وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (5)

ثم صرّح سبحانه بما يجب على العباد من دعاء الأبناء للآباء فقال : { ادعوهم لآِبَائِهِمْ } للصلب ، وانسبوهم إليهم ولا تدعوهم إلى غيرهم ، وجملة { هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله } تعليل للأمر بدعاء الأبناء للآباء ، والضمير راجع إلى مصدر { ادعوهم } . ومعنى { أقسط } : أعدل ، أي أعدل كلّ كلام يتعلق بذلك ، فترك الإضافة للعموم كقوله : الله أكبر ، وقد يكون المضاف إليه مقدّراً خاصاً ، أي أعدل من قولكم هو ابن فلان ولم يكن ابنه لصلبه . ثم تمم سبحانه الإرشاد للعباد فقال : { فَإِن لَّمْ تعلموا آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي الدين وَمَوَالِيكُمْ } أي فهم إخوانكم في الدين وهم مواليكم ، فقولوا : أخي ومولاي ولا تقولوا : ابن فلان ، حيث لم تعلموا آباءهم على الحقيقة . قال الزجاج ويجوز أن يكون مواليكم أولياءكم في الدين . وقيل المعنى : فإن كانوا محررين ولم يكونوا أحراراً ، فقولوا : موالي فلان { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } أي لا إثم عليكم فيما وقع منكم من ذلك خطأ من غير عمد ، { ولكن } الإثم في { مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } وهو ما قلتموه على طريقة العمد من نسبة الأبناء إلى غير آبائهم مع علمكم بذلك .

قال قتادة : لو دعوت رجلاً لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس { وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً } يغفر للمخطىء ويرحمه ويتجاوز عنه ، أو غفوراً للذنوب رحيماً بالعباد ، ومن جملة من يغفر له ويرحمه من دعا رجلاً لغير أبيه خطأ . أو قبل النهي عن ذلك .

/خ6