البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمۡۚ وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (5)

و { أقسط } : أفعل التفضيل ، وتقدم الكلام فيه في أواخر البقرة ، ومعناه : أعدل .

ولما أمر بأن يدعى المتبني لأبيه إن علم قالوا : زيد بن حارثة { ومواليكم } ؛ ولذلك قالوا : سالم مولى أبي حذيفة .

وذكر الطبري أن أبا بكرة قرأ هذه الآية ثم قال : أنا ممن لا يعرف أبوه ، فأنا أخوكم في الدين ومولاكم .

قال الرازي : ولو علم والله أباه حماراً لانتمى إليه ، ورجال الحديث يقولون فيه : نفيع بن الحارث .

وفي الحديث : « من ادعى إلى غير أبيه متعمداً حرم الله عليه الجنة » { فيما أخطأتم به } ، قيل : رفع الحرج عنهم فيما كان قبل النهي ، وهذا ضعيف لا يوصف بالخطأ ما كان قبل النهي .

وقيل : فيما سبق إليه اللسان .

أما على سبيل الغلط ، إن كان سبق ذلك إليهم قبل النهي ، فجرى ذلك على ألسنتهم غلطاً ، أو على سبيل التحنن والشفقة ، إذ كثيراً ما يقول الإنسان للصغير : يا بني ، كما يقول للكبير : يا أبي ، على سبيل التوقير والتعظيم .

وما عطف على ما أخطأتم ، أي ولكن الجناح فيما تعمدت قلوبكم .

وأجيز أن تكون ما في موضع رفع بالابتداء ، أي ولكن ما تعمدت قلوبكم فيه الجناح .

{ وكان الله غفوراً } للعامد إذا تاب ، { رحيماً } حيث رفع الجناح عن المخطىء .