{ آتيت أجورهن } : أي أعطيت مهورهن .
{ مما أفاء الله عليك } : أي مما يسبى كصفية وجويرية .
{ اللاتى هاجرن معك } : أي بخلاف من لم تغادر وبقيت في دار الكفر .
{ وهبت نفسها للنبي } : أي وأراد النبي أن يتزوجها . بغير صداق .
{ خالصة لك من دون المؤمنين } : أي بدون صداق .
{ قد علمنا ما فرضنا عليهم } : أي على المؤمنين .
{ في أزواجهم } : أي من الأحكام كأن لا يزيدوا على أربع ، وأن لا يتزوجوا إلا بولي ومهر وشهود .
{ وما ملكت أيمانهم } : أي بشراء ونحوه وأن تكون المملوكة كتابية ، وأن تستبرأ قبل الوطء .
{ لكيلا يكون عليك حرج } : أي ضيق في النكاح .
هذا النداء الكريم لرسول ربّ العالمين يحمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إجازة ربانية تخفف عنه أتعابه التي يعانيها صلى الله عليه وسلم لقد علم الله ما يعاني رسوله وما يعالج من أمور الدين والدنيا فمنَّ عليه بالتخفيف ورفع الحرج فقال ممتناً عليه { يا أيها النبي إنا أحللنا أزواجك اللاتي آتيت أجورهن } أي مهورهن وأحللنا لك { ما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك } من سبايا الجهاد كصفية بنت حبيب وجويرية بنت الحارث ، { وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك } من مكة إلى المدينة .
أما اللاتي لم تهاجر فلا تَحِلّ لك ، وامرأة مؤمنة أي وأحللنا لك امرأة مؤمنة لا كافرة إن وهبت نفسها للنبي بدون مهر وأراد النبي أن يستنكحها حال كون هذه الواهبة خالصة لك دون المؤمنين فالمؤمن لو وهبت له امرأة نفسها بدون مهر لم تحل له بل لا بد من المهر والولي والشهود .
وقوله تعالى { قد علمنا ما فرضنا عليهم } أي على المؤمنين في أزواجهم من أحكام كأن لا يزيد الرجل على أربع ، وأن لا يتزوج إلا بولي ومهر وشهود ، والمملوكة لا بد أن تكون كتابية أو مسلمة ، وأن لا يطأها قبل الاستبراء بحيضة قد علمنا كل هذا وأحللنا لك ما أحللنا خصوصية لك دون المؤمنين وذلك تخفيفاً عليك لكيلا يكون عليك حرج أي ضيق ومشقة وكان الله غفوراً لك ولمن تاب من المؤمنين رحيماً بك وبالمؤمنين .
- بيان إكرام الله تعالى لنبيه في التخفيف عليه رحمة به فاباح له أكثر من أربع ، وقصر المؤمنين على أربع اباح له الواهبة نفسها أن يتزوجها بغير مهر ولا ولي ولم يبح ذلك للمؤمنين فلا بد من مهر وولي وشهود .
- تقرير أحكام النكاح للمؤمنين وأنه لم يطرأ عليها نسخ بتخفيف ولا بتشديد .
{ يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن } في معناها قولان :
أحدهما : أن المراد أزواجه اللاتي في عصمته حينئذ كعائشة وغيرها ، وكان قد أعطاهن مهورهن .
والآخر : أن المراد جميع النساء ، فأباح الله له أن يتزوج كل امرأة يعطى مهرها وهذا أوسع من الأول .
{ وما ملكت يمينك } أباح الله له مع الأزواج السراري بملك اليمين ويعني بقوله : { أفاء الله عليك } : الغنائم .
{ وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك } : يعني قرابته من جهة أبيه ومن جهة أمه ، وكان له عليه الصلاة والسلام أعمام وعمات إخوة لأبيه ، ولم يكن لأمه عليه الصلاة والسلام أخ ولا أخت ، وإنما يعني بخاله وخالاته عشيرة أمه وهم بنو زهرة ، ولذلك كانوا يقولون نحن أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمن قال : إن المراد بقوله : { أحللنا لك أزواجك } : من كانت في عصمته : فهو عطف عليهن ، وإباحة لأن يتزوج قرابته زيادة على من كان في عصمته ، ومن قال إن المراد جميع النساء فهو تجريد منهن على وجه التشريف بعد دخول هؤلاء في العموم .
{ اللاتي هاجرن معك } تخصيص تحرز به ممن لم يهاجر كالطلقاء الذين أسلموا يوم فتح مكة .
{ وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي } أباح الله له صلى الله عليه وسلم من وهبت له نفسها من النساء ، واختلف هل وقع ذلك أم لا ؟ فقال ابن عباس : لم تكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة إلا بنكاح أو ملك يمين ، لا بهبة نفسها ، ويؤيد هذا قراءة الجمهور إن وهبت بكسر الهمزة أي : إن وقع ، وقيل : قد وقع ذلك ، وهو على هذا القول قرئ أن وهبت بفتح الهمزة ، واختلف على هذا القول فيمن هي التي وهبت نفسها فقيل : ميمونة بنت الحارث ، وقيل : زينب بنت خزيمة أم المساكين ، وقيل : أم شريك الأنصارية ، وقيل : أم شريك العامرية .
{ خالصة لك من دون المؤمنين } أي : هبة المرأة نفسها مزية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره ، وانظر كيف رجع من الغيبة إلى الخطاب ليخص المخاطب وحده ، وقيل : إن خالصة يرجع إلى كل ما تقدم من النساء المباحات له صلى الله عليه وسلم لأن سائر المؤمنين قصروا على أربع نسوة ، وأبيح له عليه الصلاة والسلام أكثر من ذلك ، ومذهب مالك : أن النكاح بلفظ الهبة لا ينعقد بخلاف أبي حنيفة ، وإعراب خالصة مصدر أو حال أو صفة لامرأة .
{ قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم } : يعني أحكام النكاح من الصداق والولي والاقتصار على أربع وغير ذلك { لكيلا يكون عليك حرج } يتعلق بالآية التي قبله أي : بينا أحكام النكاح لئلا يكون عليك حرج أو لئلا يظن بك أنك فعلت ما لا يجوز ، وقال الزمخشري : يتعلق بقوله : { خالصة لك } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.