معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحۡلَلۡنَا لَكَ أَزۡوَٰجَكَ ٱلَّـٰتِيٓ ءَاتَيۡتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتۡ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـٰتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَٰلَٰتِكَ ٱلَّـٰتِي هَاجَرۡنَ مَعَكَ وَٱمۡرَأَةٗ مُّؤۡمِنَةً إِن وَهَبَتۡ نَفۡسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنۡ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسۡتَنكِحَهَا خَالِصَةٗ لَّكَ مِن دُونِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۗ قَدۡ عَلِمۡنَا مَا فَرَضۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ وَمَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ لِكَيۡلَا يَكُونَ عَلَيۡكَ حَرَجٞۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا} (50)

وقوله : { وَبَناتِ خَالِكَ وَبَناتِ خَالاَتِكَ اللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ 50 }

وفي قراءة عبد الله ( وَبَناتِ خَالِكَ وَبَناتِ خَالاَتِكَ واللاَّتِي هاجَرْنَ مَعَكَ ) فقد تكون المهاجرات من بنات الخال والخالة ، وإن كان فيه الواو ، فقال : ( واللاتِي ) . والعرب تنعَت بالواو وبغير الواو كما قال الشاعر :

فإنَّ رُشيداً وابنَ مَرْوان لم يكن *** ليفعل حتّى يُصدر الأمرَ مُصْدَرَا

وأنت تقول في الكلام : إن زرتني زرتُ أخاك وابن عمّكَ القريب لك ، وإن قلتَ : والقريب لكَ كان صوابَا .

وقوله { وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً } نصبتها ب { أحْلَلْنا } وفي قراءة عَبد الله { وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً وَهَبَتْ } ليسَ فيها ( أن ) ومعناهُما واحد ؛ كقولك في الكلام : لا بأسَ أن تستَرِقَّ عبداً وُهبَ لكَ ، وعبداً إن وُهب لك ، سواء . وقرأ بعضهم { أَنْ وَهَبَتْ } بالفتح على قوله : { لا جناح عليه أن ينكحها } في أن وهبت ، لا جناح عَليه في هبتها نفسها . ومن كسر جعله جزاء . وهو مثل قوله { لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنآنُ قَوْمٍ أنْ صَدُّوكُمْ } و { إنْ صَدُّوكُمْ } { إنْ أَرَادَ النَّبيُّ } مكسورة لم يُختَلف فيها .

وقوله { خَالِصَةً لَّكَ } يقول : هذه الخصلة خالصة لك ورُخصة دون المؤمِنين ، فليسَ للمؤمنِين أن يتزوَّجُوا امرأة بغير مهر . ولو رفعتْ ( خالصة ) لك على الاستئناف كَان صَوَاباً ؛ كما قال { لَمْ يَلْبَثُوا إلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاَغٌ } أي هذا بلاغ : وما كان من سُنّة الله ، وصبغة الله وشبهه فإنه منصوب لاتصاله بما قبله على مذهب حقّاً وشبهه . والرفع جَائز ؛ لأنه كالجواب ؛ ألا ترى أن الرجل يقول : قد قام عبد الله ، فتقول : حقّا إذا وصلته . وإذا نويت الاستئناف رفعته وقطعته مما قبله . وهذه محض القطع الذي تسمعه من النحويينَ .