قوله عز وجل : { يا أيها النبي إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أزواجك } يعني : نساءك { اللاتي آتيت أجورهن } يعني : أعطيت مهورهن ، لأن غيره كان له أكثر من أربع نسوة أمره أن يترك ما زاد على الأربع ، وقد أحلّ للنبي صلى الله عليه وسلم إمساك التسع ولم يأمره بالفرقة . { وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ } يعني : أحللنا لك من الإماء مثل مارية القبطية { مِمَّا أَفَاء الله عَلَيْكَ } من الغنيمة يعني : أعطاك الله كقوله تعالى : { ومَّآ أَفَاءَ الله على رَسُولِه } [ الحشر : 7 ] . ثم قال : { وَبَنَاتِ عَمّكَ } يعني : أحللنا لك نكاح بنات عمك { وَبَنَاتِ عماتك وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خالاتك اللاتي هاجرن مَعَكَ } يعني : هاجرن معه من مكة إلى المدينة ، أو قبله ، أو بعده .
ثم قال : { وامرأة مُّؤْمِنَةً } يعني : أحللنا لك امرأة مؤمنة { إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنبي } صلى الله عليه وسلم وقرأ الحسن { أن وَهَبَتْ } بنصب الألف ومعناه : إذا وهبت ، ويكون ذلك الفعل خاصة لامرأة واحدة . وقراءة العامة { إن } بالكسر فيكون معناه لكل امرأة إن فعلت ذلك في المستقبل . قال مقاتل : وذلك أن أم شريك وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم بغير مهر ، كذا قال الكلبي . وروى معمر عن الزهري في قوله : { إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنبي } قال : بلغنا أن ميمونة وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ووهبت سودة يومها لعائشة رضي الله عنهن .
وروى وكيع عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي وعمرو بن الحكم ، وعبد الله بن عبيدة قال : تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشر امرأة . ستة من قريش . خديجة بنت خويلد ، وعائشة بنت أبي بكر ، وحفصة بنت عمر ، وأم حبيبة بنت أبي سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وأم سلمة بنت أبي أمية . وثلاثاً من بني عامر ، وامرأتين من بني هلال ميمونة بنت الحارث وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم . وزينب أم المساكين ، وامرأة من بني بكر وهي التي اختارت الدنيا . وامرأة من بني الحزن من كندة وهي التي استعاذت منه .
وقال يحيى بن أبي كثير : تزوج أربعة عشر . خديجة وسودة وعائشة . تزوج هؤلاء الثلاث بمكة . وتزوج بالمدينة زينب بنت خزيمة ، وأم سلمة ، وجويرية من بني المصطلق . وميمونة بنت الحارث ، وصفية بنت حيي بن أخطب ، وزينب بنت جحش وكانت امرأة زيد بن حارثة ، وعالية بنت ظبيان ، وحفصة ، وأم حبيبة ، والكندية ، وامرأة من كلب .
وروى الزهري عن عروة قال : لما دخلت الكندية على النبي صلى الله عليه وسلم قالت : أعوذ بالله منك . فقال : «لقد عذت بعظيم ، الحقي بأهلك » .
ثم قال : { إِنْ أَرَادَ النبي أَن يَسْتَنكِحَهَا } يعني : أن يتزوجها بغير صداق { خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين } يعني : خالصاً للنبي صلى الله عليه وسلم بغير مهر ، ولا يحل لغيره . وقال الزهري : " الهبة كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة ، ولا تحل لأحد أن تهب له امرأة نفسها بغير صداق " .
وروي عن سعيد بن المسيب أنه قال : " لم تحل الموهوبة لأحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم . واختلف الناس في جواز النكاح ، قال أهل المدينة باطل ، وقال أهل العراق : النكاح جائز ، ولها مهر مثلها . وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه " أنه أجاز ذلك " . وروى هشام بن عروة ، عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها : " أن خولة بنت حكيم وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت من المهاجرات الأول " . وقال القتبي : العرب تخبر عن غائب ، ثم ترجع إلى الشاهد فتخاطبه ، كما قال هاهنا : { إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا للنبي } بلفظ الغائب ثم قال : { خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ المؤمنين } .
ثم قال : { قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ } يعني : ما أوجبنا عليهم { فِي أزواجهم } يعني : في أن لا يتزوجوا إلا بالمهر . ويقال : إلا أربعاً { وَمَا مَلَكَتْ أيمانهم } ويقال : يعني إلا ما لا وقت فيهن { لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ } في الهبة بغير مهر . وفي الآية ومعناه : أنا أحللنا لك امرأة مؤمنة وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم لكي لا يكون عليك حرج .
ثم قال : { وَكَانَ الله غَفُوراً } يعني : غفوراً فيما تزوج قبل النهي { رحِيماً } في تحليل ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.