قوله تعالى ذكره : { يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك }50 إلى قوله : { على كل شيء رقيبا } 52 أي : أحل لك يا محمد أزواجك اللاتي أعطيتهن صدقاتهن وأحل لك ما ملكت يمينك من السبي {[55607]} ، وأحل لك بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك من هاجر منهن معك دون من لم يهاجر . هذا معنى قول الضاحك {[55608]} .
قال ابن زيد : كل امرأة أتاها مهرها فقد أحلها الله له {[55609]} .
وروى أبو صالح {[55610]} عن أم هانئ {[55611]} أنها قالت : " خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت إليه فعذرني ثم أنزل الله تعالى : { إنا أحللنا لك أزواجك } إلى قوله : { هاجرن معك } ولم أكن هاجرت وإنما كنت من الطلقاء فكنت لا أحل له {[55612]} .
وفي قراءة ابن مسعود : " واللاتي هاجرن معك " بالواو {[55613]} فهذا يدل على أنه قد أحل له من هاجر ومن لم يهاجر .
وقوله : { وامرأة مومنة إن وهبت نفسها للنبي } أي : وأحللنا له امرأة مؤمنة إن وهبت نفسها له بغير صداق . { إن وهبت } شرط وجوابه محذوف ، والتقدير : إن وهبت نفسها حلت له ، أي : إن تهب نفسها تحل .
ويجوز أن يكون الجواب هو المحذوف الناصب لامرأة .
وقرأ الحسن : " أن وهبت " بفتح أن {[55614]} أي لأن وهبت أي : من أجل أن وهبت {[55615]} .
وقيل : هي بدل من " امرأة " على بدل الاشتمال {[55616]} .
وفي قراءة ابن مسعود : " وامرأة مؤمنة وهبت " بغير إن {[55617]} . والمعنى على ما مضى نقول : كل طعاما إن ملكته ، وكل طعاما ملكته أي : ملكته في ما مضى .
ثم قال تعالى : { إن أراد النبي أن يستنكحها } أي : ينكحها فحلال له نكاحها إذا وهبت له نفسها بغير مهر .
{ خالصة لك } أي : لا يحل ذلك لأحد غيرك .
قال قتادة : ليس لامرأة أن تهب نفسها لرجل بغير أمر ولي ولا مهر إلا للنبي صلى الله عليه وسلم كانت له خالصة دون سائر أمته {[55618]} . وروي أنها نزلت في ميمونة بنت الحارث وهبت نفسها للنبي عليه السلام ، قاله الزهري وعكرمة ومحمد بن كعب وقتادة {[55619]} . وقيل : لم يكن عند النبي امرأة وهبت له نفسها بغير صداق وإنما المعنى : إن وقع ذلك فهو حلال يا محمد قاله مجاهد وابن عباس {[55620]} وقال علي بن الحسين وعروة {[55621]} والشعبي : هي أم شريك {[55622]} {[55623]} وقيل : هي زينب بنت خزيمة {[55624]} {[55625]} ولا تكون إلا مكسورة على قول ابن عباس ومجاهد لأنها بمعنى : إن وقع ذلك فيما يستقبل . ويجب أن تكون مفتوحة على قول غيرهما لأنه شيء قد وقع وكان على قولهم .
وقوله : { خالصة لك } يرجع على المرأة التي وهبت نفسها دون ما قبلها من قوله : { إنا أحللنا لك }/ وما بعده . وإنما قال تعالى للنبي ولم يقل لك ، لئلا يتوهم أنه يجوز ذلك للغير كما جاز ذلك في : { وبنات عمك وبنات عماتك } أي : بنات العم والعمة والخال والخالة يحللن للناس .
وقيل : إنما جاز ذلك لأن العرب تخبر عن الحاضر بأخبار الغائب ثم ترجع فتخاطب .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل نزول الآية يتزوج أي النساء شاء فقصره الله على هؤلاء {[55626]} ، فلم يعداهن وقصر سائر أمته على مثنى وثلاث ورباع .
ثم قال : { قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم } يعني المؤمنين لا يحل لأحد نكاح إلا بولي وعقد وصداق وشهود عدول ، وأن لا يزوج الرجل أكثر من أربع وما ملكت اليمين ، قاله قتادة وغيره {[55627]} ( فالمعنى ) {[55628]} قد علمنا ما في ذلك من الصلاح .
وقال أبي بن كعب في معناها : هو مثنى وثلاث ورباع {[55629]} .
ثم قال تعالى : { لكيلا يكون عليك حرج } أي : أحللنا لك ما تقدم ذكره لئلا يكون عليك إثم وضيق في نكاح من نكحت من هؤلاء الأصناف المسميات لك في هذه الآية .
ثم قال : { وكان الله غفورا رحيما } أي : غفورا لك ولأهل الإيمان بك ، رحيما بك وبهم أن يعاقبهم على ذنوب تابوا منها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.