أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡبَحۡرَانِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ سَآئِغٞ شَرَابُهُۥ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞۖ وَمِن كُلّٖ تَأۡكُلُونَ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (12)

شرح الكلمات :

{ عذب فرات } : أي شديد العذوبة .

{ وهذا ملح أجاج } : أي شديد الملوحة .

{ ومن كل تأكلون } : أي ومن كل منهما .

{ لحماً طريا } : أي السمك .

{ حلية تلبسونها } : أي اللؤلؤ والمرجان .

{ مواخر } : أي تمخر الماء وتشقه عند جريانها في البحر .

{ لتبتغوا من فضله } : أي لتطلبوا الرزق بالتجارة من فضل الله تعالى .

{ ولعلكم تشكرون } : أي رجاء أن تشكروا الله تعالى على ما رزقكم .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في ذكر مظاهر قدرة الله وعلمه وحكمة تدبيره لخلقه وهي مظاهر موجبة لله العبادة وحده دون غيره ، ومقتضيه للبعث الذي أنكره المشركون قال تعالى { وما يستوي البحران } أي لا يتعادلان . { هذا عذب فرات سائغ شرابه } أي ماؤه عذب شديد العذوبة { وهذا ملح أجاج } أي ماؤه شديد الملوحة لمرارته مع ملوحته ، فهل يستوي الحق والباطل هل تستوي عبادة الأصنام مع عبادة الرحمن ؟ والجواب لا . وقوله : { ومن كل تأكلون } أي ومن كل من البحرين العذب والملح تأكلون لحماً طرياً وهو السمك { وتستخرجون حلية تلبسونها } أي اللؤلؤ والمرجان .

وهي حلية يتحلى بها النساء للرجال ، وقوله { وترى الفلك فيه مواخر } أي وترى أيها السامع لهذا الخطاب { الفلك } أي السفن مواخر في البحر تمخر عباب البحر وتشق ماءه غادية رائحة تحمل الرجال والأموال ، سخرها وسخر البحر { لتبتغوا من فضله } أي الرزق بالتجارة ، { ولعلكم تشكرون } أي سخر لكم البحر لتبتغوا من فضله ورجاء أَن تشكروا . لم يقل لتشكروا كما قال لتبتغوا لأن الابتغاء حاصل من كل راكب ، وأما الشكر فليس كذلك بل من الناس من يشكر ومنهم من لا يشكر ، ولذا جاء بأداة الرجاء وهي لعل وقوله { يولج الليل في النهار } .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡبَحۡرَانِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ سَآئِغٞ شَرَابُهُۥ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞۖ وَمِن كُلّٖ تَأۡكُلُونَ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (12)

{ وما يستوي البحران } قد فسرنا البحرين الفرات والأجاج في الفرقان ، وسائغ في النحل ، والقصد بالآية التنبيه على قدرة الله ووحدانيته وإنعامه على عباده وقال الزمخشري : إن المعنى أن الله ضرب للبحرين الملح والعذب مثلين للمؤمن والكافر وهذا بعيد .

{ لحما طريا } : يعني الحوت .

{ حلية تلبسونها } : يعني الجوهر والمرجان ، فإن قيل : إن الحلية لا تخرج إلا من البحر الملح دون العذب فكيف قال : { ومن كل } أي : كل واحد منهما ؟ فالجواب من ثلاثة أوجه :

الأول : أن ذلك تجوز في العبارة كما قال : { يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم } [ الأنعام : 130 ] والرسل إنما هي من الإنس .

الثاني : أن المرجان إنما يوجد في البحر الملح حيث تنصب أنهار الماء العذب أو ينزل المطر فلما كانت الأنهار والمطر وهي البحر العذب تنصب في البحر الملح كان الإخراج منهما جميعا .

الثالث : زعم قوم أنه يخرج اللؤلؤ والمرجان من الملح والعذب وهذا قول يبطله الحس .

{ مواخر } ذكر في النحل .