النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَمَا يَسۡتَوِي ٱلۡبَحۡرَانِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ سَآئِغٞ شَرَابُهُۥ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞۖ وَمِن كُلّٖ تَأۡكُلُونَ لَحۡمٗا طَرِيّٗا وَتَسۡتَخۡرِجُونَ حِلۡيَةٗ تَلۡبَسُونَهَاۖ وَتَرَى ٱلۡفُلۡكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (12)

{ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ } يحتمل وجهين :

أحدهما : ما يستويان في أنفسهما .

الثاني : في منافع الناس بهما .

{ هذَا عَذْبٌ فُراتٌ } والفرات هو العذب وذكره تأكيداً لاختلاف اللفظين كما يقال هذا حسن جميل .

{ سَائَغٌ شَرَابُهُ } أي ماؤه .

{ وَهذا مِلْحٌ أُجَاجٌ } أي مُرٌّ مأخوذ من أجة النار كأنه يحرق من شدة المرارة ، قال الشاعر :

دُرَّةٌ في اليمين أخرجها الغا *** ئص من قعر بحر ملح أجاج

{ وَمِن كُلٍّ تَأكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً } يعني لحم الحيتان مأكول من كلا البحرين .

{ وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } اللؤلؤ والمرجان يستخرج من الملح ، ويكون المراد أحدهما وإن عطف بالكلام عليهما .

وقيل : بل هو مأخوذ منهما لأن في البحر عيوناً عذبة ، وما بينهما يخرج اللؤلؤ عند التمازج وقيل من مطر السماء .

ثم قال : { تَلْبَسُونَهَا } وإن لبسها النساء دون الرجال لأن جمالها عائد عليهم جميعاً .

{ وَتَرى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ } فيه خمسة أوجه :

أحدها : مقبلة ومدبرة وريح واحدة ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : مواقر ، قاله الحسن ، قال الشاعر :

تراها إذا راحت ثقالاً كأنها *** مواخر فلك أو نعام حوافل

الثالث : معترضة ، قاله أبو وائل .

الرابع : جواري ، قاله ابن قتيبة .

الخامس : تمخر الماء أي تشقه في جريها شقاً ، قاله علي بن عيسى .

{ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } قال مجاهد : التجارة في الفلك .

ويحتمل وجهاً آخر ما يستخرج من حليته ويصاد من حيتانه .

{ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [ فيه وجهان ] {[2275]} :

أحدهما : على ما آتاكم من نعمه .

الثاني : على ما آتاكم من فضله .

ويحتمل ثالثاً : على ما أنجاكم من هوله .


[2275]:زيادة يقتضيها السياق.