أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡيَ مَعۡكُوفًا أَن يَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالٞ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَآءٞ مُّؤۡمِنَٰتٞ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِيبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ لِّيُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ لَوۡ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (25)

شرح الكلمات :

{ هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام } : أي بالله ورسوله ومنعوكم من الوصول إلى المسجد الحرام .

{ والهدي معكوفا أن يبلغ محله } : أي ومنعوا الهدي محبوسا حال بُلوغ محله من الحرم .

{ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات } : أي موجودون في مكة .

{ لم تعلموهم } : أي لم تعرفوهم مؤمنين ومؤمنات .

{ أن تطأوهم } : أي قتلا لهم عند قتالكم المشركين بمكة .

{ فتصيبكم منهم معرة بغير علم } : أي إثم وديات قتل الخطأ وعتق أو صيام لأَذِن لكم الله تعالى في دخول مكة .

{ ليدخل الله في رحمته من يشاء } : أي لم يؤذن لكم في دخول مكة فاتحين ليدخل الله في الإِسلام من يشاء .

{ لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا عذابا أليما } : أي لو تميزوا فكان المؤمنون على حدة والكافرون على منهم حدة لأذنا لكم في الفتح وعذبنا الذين كفروا بأيديكم عذابا أليما وذلك بضربهم وقتلهم .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في الحديث عن صلح الحديبية فقال تعالى في المشركين ذاماً عائبا عليهم صنيعهم { هم الذين كفروا } أي بالله ورسوله وصدوكم عن المسجد الحرام أن تدخلوه وأنتم محرمون والهدي معكوفاً أي وصدوا الهدي الحال أنه محبوس يُنْتَظَرُ به دخول مكة لينحر وقوله تعالى { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات } بمكة لم تعلموهم لأنهم كانا يخفون إسلامهم غالباً ، كراهة أن تطأوهم أثناء قتالكم المشركين فتصيبكم منهم معرّة بغير علم منكم بهم والمعرة العيب والمراد به هنا التبعة وما يلزم من قتل المسلم خطأ من الكفارة والدية لولا هذا لأذن لكم في دخول مكة غازين فاتحين لها وقوله تعالى { ليدخل الله في رحمته من يشاء } أي لم يأذن لكم في القتال ورضي لكم بالصلح ليدخل في رحمته من يشاء فالمؤمنون نالتهم رحمة الله إذ لم يؤذوا بدخولكم مكة فاتحين والمشركون قد يكون تأخر الفتح سببا في إسلام من شاء الله تعالى له الإِسلام لا سيما عندما رأوا رحمة الإِسلام تتجلى في تلك القتال رحمة بالمؤمنين والمؤمنات حتى لا يتعرضوا للأذى فدين يراعي هذه الأخوة دين لا يحرم منه عاقل .

وقوله تعالى { لو تزيلوا } أي لو تميّز المؤمنون والمؤمنات عن المشركين بوجودهم في مكان خاص بهم لأذناً لكم في دخول مكة وقتال المشركين وعذَّبناهم بأيديكم عذاباً أليما .

الهداية :

من الهداية :

- بيان حكم المحصر وهو من منع دخول المسجد الحرام وهو محرم بحجج أو بعمرة فإِنه يتحلل بذبح هدي ويعود إلى بلاده ، ويذبح الهدي حيث أُحصِر ، وليس واجبا إدخاله إلى الحرم .

- الأخذ بالحيطة في معاملة المسلمين حتى لا يؤذى مؤمن أو مؤمنةً بغير علم .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡيَ مَعۡكُوفًا أَن يَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالٞ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَآءٞ مُّؤۡمِنَٰتٞ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِيبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ لِّيُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ لَوۡ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (25)

{ هم الذين كفروا } يعني : أهل مكة .

{ وصدوكم عن المسجد الحرام } يعني : أنهم منعوهم عن العمرة بالمسجد الحرام عام الحديبية . { والهدى معكوفا أن يبلغ محله } الهدى ما يهدي إلى البيت من الأنعام ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ساق حينئذ مائة بدنة ، وقيل : سبعين ليهديها ، والمعكوف المحبوس ومحله موضع نحره يعني مكة والبيت وإعراب { الهدى } عطف على الضمير المفعول في صدوركم و{ معكوفا } حال من الهدى ، وأن يبلغ مفعول بالكف فالمعنى صدوكم عن المسجد الحرام ، وصدوا الهدى عن أن يبلغ محله والعكف المذكور يعني به منع المشركين للهدى عن بلوغ مكة أو حبس المسلمين بالهدى بينما ينظرون في أمورهم .

{ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم } الآية : تعليل لصرف الله المؤمنين عن استئصال أهل مكة بالقتل ، وذلك أنه كان بمكة رجال مؤمنون ونساء مؤمنات يخفون إيمانهم فلو سلط الله المسلمين على أهل مكة ، لقتلوا أولئك المؤمنين وهم لا يعرفونهم ، ولكن كفهم رحمة للمؤمنين الذين كانوا بين أظهرهم ، وجواب لولا محذوف تقديره لولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لسلطناكم عليهم .

{ أن تطؤهم } في موضع بدل من رجال ونساء أو بدل من الضمير المفعول في لم تعلموهم والوطء هنا الإهلاك بالسيف وغيره .

{ فتصيبكم منهم معرة } أي : تصيبكم من قتلهم مشقة وكراهة ، واختلف هل يعني الإثم في قتلهم أو الدية أو الكفارة أو الملامة أو عيب الكفار لهم بأن يقولوا قتلوا أهل دينهم أو تألم نفوسهم من قتل المؤمنين وهذا أظهر لأن قتل المؤمن الذي لا يعلم إيمانه وهو بين أهل الحرب لا إثم فيه ولا دية ، ولا ملامة ، ولا عيب .

{ ليدخل الله في رحمته من يشاء } يعني : رحمة للمؤمنين الذين كانوا بين أظهر الكفار بأن كف سيوف المسلمين عن الكفار من أجلهم أو رحمة لمن شاء من الكفار بأن يسلموا بعد ذلك واللام تتعلق بمحذوف يدل عليه سياق الكلام تقديره كان كف القتل عن أهل مكة ليدخل الله في رحمته من يشاء .

{ لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا } معنى : تزيلوا تميزوا عن الكفار والضمير للمؤمنين المستورين الإيمان أي : لو انفصلوا عن الكفار لعذبنا الكفار فقوله : { لعذبنا } جواب لو الثانية وجواب الأولى محذوف كما ذكرنا ويحتمل أن يكون لعذبنا جواب لو الأولى وكررت لو الثانية تأكيدا .