قوله : { وهم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام } إلى قوله : { فتحا مبينا } الآيات [ 25 – 27 ] {[64054]} .
أي : هؤلاء المشركون من قريش هم الكافرون الصادون لكم عن دخول المسجد الحرام ، والصادون الهدي محبوسا على أن يبلغ محله {[64055]} .
وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما منع دخول {[64056]} مكة عام الحديبية ، وهي سنة ست قال عمر لأبي بكر رضي الله عنه : أليس {[64057]} قد وعدنا الله أن ندخل ، فقال أبو بكر : أوعدك الدخول في هذا العام ، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم {[64058]} قال مثل ذلك . والعامل في " أن " { معكوفا ان } ويجوز أن يكون { صدوكم } {[64059]} ، والمعنى صدوكم عن دخول المسجد الحرام لتمام عمرتكم ، وصدوا الهدي عن أن يبلغ موضع نحره ، وذلك دخول الحرام ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم ساق معه حين خرج إلى مكة في سفرته {[64060]} تلك سبعين بدنة ، وكان الناس سبع مائة رجل فكانت البدنة عن عشرة ، قال ذلك المسور بن مخرمة {[64061]} ومروان بن الحكم ، ( وقد تقدم الاختلاف ) {[64062]} في عدتهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه خرجوا معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي حتى إذا كانوا بالحديبية وهي بير بقرب مكة صدهم المشركون عن دخول الحرم فصالحهم النبي صلى الله عليه وسلم {[64063]} على أن يرجع من عامه ذلك إلى المدينة وذلك سنة ست ، ثم يرجع من العام المقبل وهو سنة سبع فيكون بمكة ثلاث ليال ولا يدخلها إلا بسلاح الراكب ولا يخرج بأحد من أهلها ، فنحر هديه في مكانه وحلقوا في مكانهم ، فلما كان العام المقبل سنة سبع أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فدخلوا مكة معتمرين في ذي القعدة فعوضهم الله من صدهم في ذي القعدة ودخولهم مكة {[64064]} في ذي القعدة من العام المقبل فهو {[64065]} قوله تعالى : { الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص } {[64066]} {[64067]} .
ثم قال : { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير {[64068]} علم } .
أي : لولا أنه بمكة رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لا تعلمون أيها {[64069]} المؤمنون مكانهم وأشخاصهم فتقتلونهم بغير علم فتأثموا ويعيركم بذلك المشركون وتلزمهم الدية . والباء في {[64070]} " بغير " متعلقة " فتطئوهم " {[64071]} ، " وأن " في قوله " أن تطئوهم " بدل من رجال بدل الاشتمال وقيل هي بدل من الهاء ، والميم في {[64072]} " تعلموهم " والمعنى يرجع إلى شيء واحد : لسلطكم الله عليهم ، فجواب " لولا " محذوف دل عليه الكلام {[64073]} . /
والتقدير لولا {[64074]} أن تطئوا رجالا مؤمنون ( ونساء مؤمنات ) {[64075]} لم تعلموهم لأذن الله لكم في دخول مكة ، ولسلطكم عليهم ولكنه تعالى حال بينكم وبين ذلك {[64076]} .
{ ليدخل الله في رحمته من يشاء } أي : لم يأذن لكم في قتالهم وقتلهم ليسلم من كفار مكة من قدر الله له أن يسلم فيدخل في {[64077]} رحمة الله .
وقيل المعنى : لولا رجال مؤمنون في أصلاب المشركين وأرحام المشركات ونساء مثل ذلك لعذبنا الذين كفروا .
ثم قال/ : { لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما } أي : لو زال من بمكة من المؤمنين وخرجوا من بين ظهراني {[64078]} المشركين لقتلنا من بقي {[64079]} بمكة من المشركين بالسيف .
وقال الضحاك : لو تزيلوا : يعني من كان بمكة من المؤمنين المستضعفين {[64080]} .
والمعرة : المفعلة من العر {[64081]} وهو الجرب {[64082]} ، والمعنى فيصيبكم من قتلهم ما يلزمكم من أجله كفارة قتل الخطأ ، وذلك عتق رقبة مؤمنة على من أطاق ، أو صيام شهرين متتابعين {[64083]} .
" وأن " في قوله : { أن تطئوهم } بدل من رجال أو بدل {[64084]} من الهاء والميم في { تطئوهم } وهو بدل الاشتمال {[64085]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.