بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡيَ مَعۡكُوفًا أَن يَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالٞ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَآءٞ مُّؤۡمِنَٰتٞ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِيبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ لِّيُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ لَوۡ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (25)

قوله تعالى : { هُمُ الذين كَفَرُواْ } يعني : جحدوا بوحدانية الله تعالى { وَصَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام } أن تطوفوا به { والهدي مَعْكُوفاً } يعني : محبوساً . يقال : عكفته عن كذا إذا حبسته . ومنه العاكف في المسجد لأنه حبس نفسه . يعني : صيروا الهدي محبوساً عن دخول مكة ، وهي سبعون بدنة . ويقال : مائة بدنة . { أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } يعني : منحره ، ومنحرة منى للحاج ، وعند الصفا للمعتمر .

ثم قال : { وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مؤمنات } بمكة { لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ } أنهم مؤمنون . يعني : لم تعرفوا المؤمنين من المشركين { أن تَطَئُوهُمْ } يعني : تحت أقدامكم . ويقال : فتضربوهم بالسيف { فَتُصِيبَكمْ مّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ } يعني : تلزمكم الدية { بِغَيْرِ عِلْمٍ } يعني : بغير علم منكم لهم ، ولا ذنب لكم . وذلك أن بعض المؤمنين كانوا مختلطين بالمشركين ، غير متميزين ، ولا معروفي الأماكن .

ثم قال : { وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مؤمنات لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ } لو دخلتموها أن تقتلوهم { لّيُدْخِلَ الله في رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء } لو فعلتم فيصيبكم من قتلهم معرة . يعني : يعيركم المشركون بذلك ، ويقولون : قتلوا أهل دينهم كما قتلونا ، فتلزمكم الديات .

ثم قال : { لَوْ تَزَيَّلُواْ } أي : تميزوا من المشركين { لَعَذَّبْنَا الذين كَفَرُواْ } يعني : لو تميزوا بالسيف . وقال القتبي : صار قوله : { لَعَذَّبْنَا } جواباً لكلامين أحدهما ، لولا رجال مؤمنون ، والآخر { لَوْ تَزَيَّلُواْ } يعني : لو تفرقوا ، واعتزلوا . يعني : المؤمنين من الكافرين { لَعَذَّبْنَا الذين كَفَرُواْ } { مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } يعني : شديداً وهو القتل .