النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ وَٱلۡهَدۡيَ مَعۡكُوفًا أَن يَبۡلُغَ مَحِلَّهُۥۚ وَلَوۡلَا رِجَالٞ مُّؤۡمِنُونَ وَنِسَآءٞ مُّؤۡمِنَٰتٞ لَّمۡ تَعۡلَمُوهُمۡ أَن تَطَـُٔوهُمۡ فَتُصِيبَكُم مِّنۡهُم مَّعَرَّةُۢ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۖ لِّيُدۡخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦ مَن يَشَآءُۚ لَوۡ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبۡنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابًا أَلِيمًا} (25)

قوله عز وجل : { هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } يعني قريشاً .

{ وَصَدُّوكُمْ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ } يعني منعوكم عن المسجد الحرام عام الحديبية حين أحرم النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه بعمرة .

{ وَالهَدْيَ مَعْكُوفاً } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : محبوساً{[2702]} .

الثاني : واقفاً .

الثالث : مجموعاً ، قاله أبو عمرو بن العلاء .

{ أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } فيه قولان :

أحدهما : منحره ، قاله الفراء .

الثاني : الحرم ، قال الشافعي ، والمحِل بكسر الحاء هو غاية الشيء ، وبالفتح هو الموضع الذي يحله الناس ، وكان الهدي سبعين بدنة .

{ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ } أي لم تعلموا إيمانهم{[2703]} .

{ أَن تَطَئُوهُمْ } فيه قولان :

أحدهما : أن تطئوهم بخيلكم وأرجلكم فتقتلوهم ، قاله ابن عباس .

الثاني : لولا من في أصلاب الكفار وأرحام نسائهم من رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لم يعلموهم أن يطئوا آباءهم فيهلك أبناؤهم ، قاله الضحاك .

{ فَتُصِيبَكُم مِنْهُم مَعَرَّةٌ } فيها ستة أقاويل :

أحدها : الإثم ، قاله ابن زيد .

الثاني : غرم الدية ، قاله ابن إسحاق .

الثالث : كفارة قتل الخطأ ، قاله الكلبي .

الرابع : الشدة ، قاله قطرب .

الخامس : العيب{[2704]} .

السادس : الغم .

قوله عز وجل : { لَوْ تَزَيَّلُوا{[2705]} } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : لو تميزوا ، قاله ابن قتيبة .

الثاني : لو تفرقوا ، قاله الكلبي .

الثالث : لو أزيلوا ، قاله الضحاك حتى لا يختلط بمشركي مكة مسلم .

{ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً ألِيماً } وهو القتل بالسيف لكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار .


[2702]:ومنه الاعتكاف في المسجد وهو الاحتباس.
[2703]:وهم من المؤمنين المستضعفين بمكة وسط الكفار كأبي جندل بن سهيل وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة.
[2704]:أي يقول المشركون قد قتلوا أهل دينهم.
[2705]:سئل الإمام مالك عن قوم من المشركين في مراكبهم ومعهم أسارى من المسلمين، هل نرميهم بالنار فقال لا أرى ذلك لقوله تعالى: لو تزيلوا الآية.