أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَهۡوٞ وَلَعِبٞۚ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ لَهِيَ ٱلۡحَيَوَانُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (64)

شرح الكلمات :

{ وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب } : أي بالنظر إلى العمل لها والعيش فيها فهي لهو يتلهى بها الإِنسان ولعب يخرج منه بلا طائل ولا فائدة .

{ وإن الدار الآخرة لهي الحيوان } : أي الحياة الكاملة الخالدة ، ولذا العمل لها أفضل من العمل للدينا .

{ لو كانوا يعلمون } : أي لو علم المشركون هذا لما آثروا الدنيا الفانية على الآخرة الباقية .

المعنى :

وقوله تعالى : { وما هذه الحياة الدنيا } أي التي أعمت الناس عن الآخرة وصرفتهم عن التزوّد لها ما هي { إلا لهو ولعب } إذ يتشاغل بها الكافر ويعمل لها الليل والنهار ثم يموت ويخرج منها صفر اليدين كالأطفال يلعبون طوال النهار ثم يعودون بلا شيء سوى ما نالهم من التعب فالواجب أن تحول غلى عمل صالح مثمر يتزود به العبد إلى آخرته إذ الآخرة هي الحيوان أي الحياة الكاملة الخالدة فلها يعمل العاملون ، وفي عملها يتنافس المتنافسون . وهذا معنى قوله تعالى : { وإن الآخرة } أي الدار الآخرة { لهي الحيوان } أي الحياة التي يجب أن نعمل لها لبقائها وخيريّتها ، وقوله : { لو كانوا يعلمون } أي نعم إذ لو علموا أن الآخرة خير لما اقبلوا على الدنيا وأعرضوا عن الآخرة ، ولكن جهلهم هو سبب إعراضهم ، فدواؤهم العلم .

الهداية :

من الهداية :

- بيان حقارة الدنيا وتفاهتها وعظمة الآخرة وعلو قيمتها . فلذا أحمق الناس وأشدهم سفاهة من يعمى عن الآخرة ويكفر بها ويبصر الدنيا ويؤمن بها .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا لَهۡوٞ وَلَعِبٞۚ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ لَهِيَ ٱلۡحَيَوَانُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (64)

" وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب " أي شيء يلهى به ويلعب أي ليس ما أعطاه الله الأغنياء من الدنيا إلا وهو يضمحل ويزول ، كاللعب الذي لا حقيقة له ولا ثبات قال بعضهم : الدنيا إن بقيت لك لم تبق لها وأنشد :

تروح لنا الدنيا بغير الذي *** غدت وتحدُثُ من بعد الأمور أمورُ

وتجري الليالي باجتماع وفُرْقَةٍ *** وتطلع فيها أنجمٌ وتغورُ

فمن ظن أن الدهر باق سرورُه *** فذاك محالٌ لا يدوم سرورُ

عفا الله عمن صير الهم واحدا *** وأيقن أن الدائرات تدورُ

قلت : وهذا كله في أمور الدنيا من المال والجاه والملبس الزائد على الضروري الذي به قوام العيش والقوة على الطاعات ، وأما ما كان منها لله فهو من الآخرة وهو الذي يبقى كما قال : " ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام " [ الرحمن : 27 ] أي ما ابتغى به ثوابه ورضاه .

قوله تعالى : " وإن الدار الآخرة لهي الحيوان " أي دار الحياة الباقية التي لا تزول ولا موت فيها وزعم أبو عبيدة : أن الحيوان والحياة والحي بكسر الحاء واحد كما قال{[12423]} :

وقد ترى إذ الحياة حِيُّ

وغيره يقول : إن الحي جمع على فعول مثل عصي ، والحيوان يقع على كل شيء حي وحيوان عين في الجنة . وقيل : أصل حيوان حييان فأبدلت إحداهما واوا ؛ لاجتماع المثلين " لو كانوا يعلمون " أنها كذلك .


[12423]:البيت للعجاج وتمامه: * وإذ زمان الناس دغفلى*