{ أن تقوم السماء والأرض بأمره } : أي قيام السماء والأرض على ما هما عليه منذ نشأتهما بقدرته وتدبيره .
{ دعوة من الأرض } : أي دعوة واحدة لا تتكرر وهي نفخة إسرافيل .
{ إذا أنتم تخرجون } : أي من قبوركم أحياء للحساب والجزاء .
وقوله تعالى : { ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره } أي ومن آياته تعالى الدالة على قدرته وعلمه وحكمته والموجبة لتوحيده والمقررة لنبوة نبيه ولقائه للحساب والجزاء قيام السماء والأرض منذ خلقهما فلا السماء تسقط ، ولا أرض تغور فهما قائمتان منذ خلقهما بأمره تعالى أليس في ذلك أكبر دليل على قدرة الله تعالى على بعث الناس بعد موتهم أحياء لحسابهم على كسبهم ومجازاتهم .
وقوله تعالى : { ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون } أي أقام السماء والأرض للحياة الدنيا يحيي فيهما ويميت حتى تنتهي المدة المحددة للحياة فيهلك الكل ويفنيه { ثم إذا دعاكم دعوة } بِنَفْخِ اسرافيل في الصور { إذا أنتم تخرجون } من الأرض استجابة لتلك الدعوة ، وذلك للحساب والجزاء العادل على العمل في هذه الحياة الدنيا .
- تقرير عقيدة البعث والجزاء التي عليها مدار الإِصلاح البشري بعد عقيدة الإِيمان بالله ربّاً وإلهاً .
" ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره " " أن " في محل رفع كما تقدم ، أي قيامها واستمساكها بقدرته بلا عمد . وقيل : بتدبيره وحكمته . أي يمسكها بغير عمد لمنافع الخلق . وقيل : " بأمره " بإذنه . والمعنى واحد . " ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون " أي الذي فعل هذه الأشياء قادر على أن يبعثكم من قبوركم . والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ولا تلبث . كما يجيب الداعي المطاع مدعوه . كما قال القائل :
دعوت كليبا باسمه فكأنما *** دعوتُ برأس الطَّوْدِ أو هو أسرعُ{[12465]}
يريد برأس الطود : الصدى أو الحجر إذا تدهده . وإنما عطف هذا على قيام السموات والأرض ب " ثم " لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يأهل القبور قوموا . فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر . كما قال تعالى : " ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " {[12466]} [ الزمر : 68 ] . " وإذا " الأولى في قوله تعالى : " إذا دعاكم " للشرط ، والثانية في قوله تعالى : " إذا أنتم " للمفاجأة . وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط . وأجمع القراء على فتح التاء هنا في " تخرجون " . واختلفوا في التي في " الأعراف " فقرأ أهل المدينة : " ومنها تخرجون " {[12467]} [ الأعراف : 25 ] بضم التاء ، وقرأ أهل العراق : بالفتح ، وإليه يميل أبو عبيد . والمعنيان متقاربان ، إلا أن أهل المدينة فرقوا بينهما لنسق الكلام ، فنسق الكلام في التي في " الأعراف " بالضم أشبه . إذ كان الموت ليس من فعلهم ، وكذا الإخراج . والفتح في سورة الروم أشبه بنسق الكلام . أي إذا دعاكم خرجتم أي أطعتم . فالفعل بهم{[12468]} أشبه . وهذا الخروج إنما هو عند نفخة إسرافيل النفخة الآخرة ، على ما تقدم ويأتي . وقرئ " تخرجون " بضم التاء وفتحها ، ذكره الزمخشري ولم يزد على هذا شيئا ، ولم يذكر ما ذكرناه من الفرق ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.