أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ} (25)

شرح الكلمات :

{ أن تقوم السماء والأرض بأمره } : أي قيام السماء والأرض على ما هما عليه منذ نشأتهما بقدرته وتدبيره .

{ دعوة من الأرض } : أي دعوة واحدة لا تتكرر وهي نفخة إسرافيل .

{ إذا أنتم تخرجون } : أي من قبوركم أحياء للحساب والجزاء .

المعنى :

وقوله تعالى : { ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره } أي ومن آياته تعالى الدالة على قدرته وعلمه وحكمته والموجبة لتوحيده والمقررة لنبوة نبيه ولقائه للحساب والجزاء قيام السماء والأرض منذ خلقهما فلا السماء تسقط ، ولا أرض تغور فهما قائمتان منذ خلقهما بأمره تعالى أليس في ذلك أكبر دليل على قدرة الله تعالى على بعث الناس بعد موتهم أحياء لحسابهم على كسبهم ومجازاتهم .

وقوله تعالى : { ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون } أي أقام السماء والأرض للحياة الدنيا يحيي فيهما ويميت حتى تنتهي المدة المحددة للحياة فيهلك الكل ويفنيه { ثم إذا دعاكم دعوة } بِنَفْخِ اسرافيل في الصور { إذا أنتم تخرجون } من الأرض استجابة لتلك الدعوة ، وذلك للحساب والجزاء العادل على العمل في هذه الحياة الدنيا .

الهداية :

من الهداية :

- تقرير عقيدة البعث والجزاء التي عليها مدار الإِصلاح البشري بعد عقيدة الإِيمان بالله ربّاً وإلهاً .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ} (25)

" ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره " " أن " في محل رفع كما تقدم ، أي قيامها واستمساكها بقدرته بلا عمد . وقيل : بتدبيره وحكمته . أي يمسكها بغير عمد لمنافع الخلق . وقيل : " بأمره " بإذنه . والمعنى واحد . " ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون " أي الذي فعل هذه الأشياء قادر على أن يبعثكم من قبوركم . والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ولا تلبث . كما يجيب الداعي المطاع مدعوه . كما قال القائل :

دعوت كليبا باسمه فكأنما *** دعوتُ برأس الطَّوْدِ أو هو أسرعُ{[12465]}

يريد برأس الطود : الصدى أو الحجر إذا تدهده . وإنما عطف هذا على قيام السموات والأرض ب " ثم " لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يأهل القبور قوموا . فلا تبقى نسمة من الأولين والآخرين إلا قامت تنظر . كما قال تعالى : " ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون " {[12466]} [ الزمر : 68 ] . " وإذا " الأولى في قوله تعالى : " إذا دعاكم " للشرط ، والثانية في قوله تعالى : " إذا أنتم " للمفاجأة . وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط . وأجمع القراء على فتح التاء هنا في " تخرجون " . واختلفوا في التي في " الأعراف " فقرأ أهل المدينة : " ومنها تخرجون " {[12467]} [ الأعراف : 25 ] بضم التاء ، وقرأ أهل العراق : بالفتح ، وإليه يميل أبو عبيد . والمعنيان متقاربان ، إلا أن أهل المدينة فرقوا بينهما لنسق الكلام ، فنسق الكلام في التي في " الأعراف " بالضم أشبه . إذ كان الموت ليس من فعلهم ، وكذا الإخراج . والفتح في سورة الروم أشبه بنسق الكلام . أي إذا دعاكم خرجتم أي أطعتم . فالفعل بهم{[12468]} أشبه . وهذا الخروج إنما هو عند نفخة إسرافيل النفخة الآخرة ، على ما تقدم ويأتي . وقرئ " تخرجون " بضم التاء وفتحها ، ذكره الزمخشري ولم يزد على هذا شيئا ، ولم يذكر ما ذكرناه من الفرق ، والله أعلم .


[12465]:رواية البيت كما في اللسان: دعوت جليدا دعوة فكأنما *** دعوت به ابن الطود أو هو أسرع قال: وابن الطود: الجلمود الذي يتدهدى من الطود. والطود: الجبل العظيم.. وتدهده الحجر: تدحرج. في كتاب ما يعول عليه: دعوت خليدا...بالخاء المعجمة.
[12466]:راجع ج 15 ص 279.
[12467]:راجع ج 7 ص 181 فما بعد.
[12468]:زيادة عن إعراب القرآن للنحاس.