الآية 25 وقوله تعالى : { ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره } هو ما ذكرنا أنهما( {[15965]} ) قاما على شيء غير موهوم ، ذلك في أوهام الخلق شيء من أفعالهم على مثله ، وهو الهواء والماء والريح . فكيف حملهم خروج شيء من أوهامهم على إنكاره وتكذيبه ، وهو البعث والإحياء بعد الموت ؟ فمن قدر على أحدهما قدر على الآخر .
وقوله تعالى : { ثم أذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون } اختلف فيه : قال بعضهم : على التقديم ، أي ثم إذا دعاكم دعوة إذا أنتم تخرجون من الأرض . والدعوة : هي النفخة الآخرة . وقال بعضهم : هو ما ذكر : الدعوة تكون من الأرض من صخرة بيت المقدس . من هنالك تسمعون الدعوة .
ثم اختلف في الدعوة والصيحة والنفخة والصور ونحو ما ذكر : فمنهم من يقول على حقيقة الدعوة والصيحة والنفخة والصور على ما ذكر . وقال بعضهم : لا ، ولكن ذلك إخبار عن سرعة نفاذ الأمر وعبارة عن خفة ذلك وهوله كقوله : { وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب } [ النحل : 77 ] وقوله : { إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون } [ النحل : 40 ] . ليس أن كان منه كاف ونون .
لكنه ذكر بأخف حروف يفهم منه المعنى . فعلى ذلك ذكر الصيحة والنفخة والدعوة والصور ، والله أعلم .
وفي قوله : { ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون } دلالة وإخبار أنه قادر على الإنشاء والإحياء بلا سبب لأنه أخبر إذا دعاكم دعوة تخرجون . والدعوة ليست هي بسبب للإحياء والإنشاء . بل أخبر أنه يخرجهم إخراجا . ثبت أنه ما ذكرنا . وقد ذكرنا في اختلاف الألسن لو لم يكن ما يسمع منهم وما ينطقون يخلق في الحقيقة ، فإذن آياته عبث ، لأن الحروف [ لا ]( {[15966]} ) تشهد خلقه ولا جسمه ولا سمعه ولا ما( {[15967]} ) احتج ، فيكون بمعنى من يقول : لله آيات في الكلام ، واحتج بها على عباده الذين لم يطلعهم عليه/411-ب/ ولا سبيل لهم إلى لاطلاع عليها ، وذلك بعيد عن العقول ، فثبت أن الله قد خلق كل نطق على ما عليه ، يعرفه المتفكر بما يرى من عجز المتفوه على التفوه به على التقطيع الذي يقدره في نفسه وعلى الحد الذي يجب أن يكون عليه دون أن يقع في ذلك تفاوت واختلاف ، فيعلم أن ذلك كان الآية على ما كان عليه ، بل بالله ، جل ، وعلا ، ولا قوة إلا بالله .
وما ذكر من اختلاف فإنا قد نجده يتغير بالعباد نحو ما يظهر عند شدة السرور بالشيء غير الذي يظهر عند شدة الغضب متولدا عن فعلهم .
ومن قول المعتزلة أو عامتهم أن المتولد هو فعل الخلق . فعلى ذلك القول يكون اللون فعلا بتخليق الله .
وأما النوم فموضع الاعتبار فيه ما في اللون ، وإلا فالاعتبار إنما هو بابتغائهم من فضله ، أي ذلك بما ركب فيهم من الحاجة وإنشائهم من الفاقة إلى ما ذكر من الأغذية بأن ابتغاءها [ كان ]( {[15968]} ) فعلا للخلق . وقد احتج الله سبحانه وتعالى على العباد ، فأخبر أنه من آياته . ومحال أن تكون حجته ما يخلقه غيره دون الله يخلقه ، بل يدل خلق كل منشئه من طريق الخلقة والتدبير . فثبت أن الابتغاء مخلوق بخلقة الله ، وإن كان فعلا للخلق ، والله الموفق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.