الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ} (25)

{ وَمِنْ ءاياته } قيام السموات والأرض واستمساكهما بغير عمد { بِأَمْرِهِ } أي بقوله : كونا قائمتين . والمراد بإقامته لهما : إرادته لكونهما على صفة القيام دون الزوال . وقوله : { إِذَا دَعَاكُمْ } بمنزلة قوله : يريكم ، في إيقاع الجملة موقع المفرد على المعنى ، كأنه قال : ومن آياته قيام السموات والأرض ، ثم خروج الموتى من القبور إذا دعاهم دعوة واحدة : يا أهل القبور اخرجوا . والمراد سرعة وجود ذلك من غير توقف ولا تلبث ، كما يجيب الداعي المطاع مدعوّه ، كما قال القائل :

دَعَوْتُ كلَيْباً دَعْوَةً فَكَأَنَّمَا *** دَعَوْتُ بِهِ ابْنَ الطَّوْدِ أَوْ هُوَ أَسْرَعُ

يريد بابن الطود : الصدى ، أو الحجر إذا تدهدى ، وإنما عطف هذا على قيام السموات والأرض بثم ، بياناً لعظم ما يكون من ذلك الأمر واقتداره على مثله ، وهو أن يقول : يا أهل القبور ، قوموا ؛ فلا تبقى نسمة من الأوّلين والآخرين إلا قامت تنظر ، كما قال تعالى : { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } [ الزمر : 68 ] . قولك : دعوته من مكان كذا ، كما يجوز أن يكون مكانك يجوز أن يكون مكان صاحبك ، تقول : دعوت زيداً من أعلى الجبل فنزل عليّ : ودعوته من أسفل الوادي فطلع إليّ .

فإن قلت : بم تعلق { مِّنَ الأرض } أبالفعل أم بالمصدر ؟ قلت : هيهات ، إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل .

فإن قلت : ما الفرق بين إذا وإذا ؟ قلت : الأولى للشرط ، والثانية للمفاجأة ، وهي تنوب مناب الفاء في جواب الشرط . وقرىء «تخرجون » بضم التاء وفتحها .