أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (14)

شرح الكلمات :

{ ووصينا الإِنسان } : أي عهدنا إليه ببرهما وهو كف الأذى عنهما والإِحسان إليهما وطاعتهما في المعروف .

{ وهناً على وهن } : أي ضعفاً على ضعف وشدة على شدة وهي الحمل والولادة والإِرضاع .

{ وفصاله في عامين } : أي مدة رضاعه تنتهي في عامين ، وبذلك يفصل عن الرضاع .

المعنى :

وقوله تعالى : { ووصينا الإِنسان بوالديه } أي عهدنا إلى الإِنسان آمرين إياه ببرِّ والديه أي أمه وأبيه ، وبرُّهما بذل المعروف لهما وكف الأذى عنهما وطاعتهما في المعروف ، وقوله تعالى : { حملته } أي الإِنسان أمه أي والدته { وهنا على وهن } أي ضعفا على ضعف وشدة على أخرى وهي آلام وأتعاب الحمل والطلق والولادة والإِرضاع فلهذا تأكدَّ برُّهما فوق برِّ الوالد مرتين لحديث الصحيح : " من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال ثم من ؟ قال : أمك ، قال : ثم من ؟ قال : أبوك " وقوله { وفصاله في عامين } أي فطام الولد من الرضاع في عامين فأول الرضاع ساعة الولادة وآخره تمام الحولين ويجوز فصله عن الرضاع خلال العامين ، وقوله : { أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير } هذا الموصى به وهو أن يشكر لله تعالى وذلك بطاعته تعالى فيما يأمره به وينهاه عنه ، وذكره بقلبه ولسانه وقوله { ولوالديك } إذ هما قدما معروفا وجميلا فوجب شكرهما ، وذلك ببرِّهما وصلتهما وطاعتهما في غير معصية الله ورسوله ، لأن طاعة الله كشكره قبل طاعة الوالدين وشكرهما وقوله { إلي المصير } أي الرجوع بعد الموت وهذه الجملة مؤكدة لواجب شكر الله تعالى وبر الوالدين لما تحمله من الترغيب والترهيب فالمطيع إذا رجع غلى الله أكرمه والعاصي أهانه . وما دام الرجوع إليه تعالى حتميّا فطاعته بشكره وشكر الوالدين متأكدة متعيّنة .

من الهداية :

- تقرير التوحيد والتنديد بالشرك .

- بيان الحكمة وهي شكر الله تعالى بطاعته وذكره إذ لا يشكر إلا عاقل فقيه .

- بيان مدة الرضاع وهي في خلال العامين لا تزيد .

- وجوب بر الوالدين وصلتهما .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (14)

ولما أمر بالقيام بحقه ، بترك الشرك الذي من لوازمه القيام بالتوحيد ، أمر بالقيام بحق الوالدين فقال : { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ }{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ } أي : عهدنا إليه ، وجعلناه وصية عنده ، سنسأله عن القيام بها ، وهل حفظها أم لا ؟ فوصيناه { بِوَالِدَيْهِ } وقلنا له : { اشْكُرْ لِي } بالقيام بعبوديتي ، وأداء حقوقي ، وأن لا تستعين بنعمي على معصيتي . { وَلِوَالِدَيْكَ } بالإحسان إليهما بالقول اللين ، والكلام اللطيف ، والفعل الجميل ، والتواضع لهما ، [ وإكرامهما ]{[668]}  وإجلالهما ، والقيام بمئونتهما واجتناب الإساءة إليهما من كل وجه ، بالقول والفعل .

فوصيناه بهذه الوصية ، وأخبرناه أن { إِلَيَّ الْمَصِيرُ } أي : سترجع أيها الإنسان إلى من وصاك ، وكلفك بهذه الحقوق ، فيسألك : هل قمت بها ، فيثيبك الثواب الجزيل ؟ أم ضيعتها ، فيعاقبك العقاب الوبيل ؟ .

ثم ذكر السبب الموجب لبر الوالدين في الأم ، فقال : { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ } أي : مشقة على مشقة ، فلا تزال تلاقي المشاق ، من حين يكون نطفة ، من الوحم ، والمرض ، والضعف ، والثقل ، وتغير الحال ، ثم وجع الولادة ، ذلك الوجع الشديد .

ثم { فِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } وهو ملازم لحضانة أمه وكفالتها ورضاعها ، أفما يحسن بمن تحمل على ولده هذه الشدائد ، مع شدة الحب ، أن يؤكد على ولده ، ويوصي إليه بتمام الإحسان إليه ؟


[668]:- كذا في ب، وزاد في أ قوله تعالى: فخور.