فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (14)

{ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ( 14 ) وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ( 15 ) يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ( 16 ) }

{ ووصينا الإنسان بوالديه } أي : أمرناه أن يبرهما ، وهذه الوصية بالوالدين وما بعدها في قوله : { وما كنتم تعلمون } اعتراض بين كلام لقمان على نهج الإستطراد ، لقصد التأكيد لما قبلها من النهي عن الشرك بالله وتفسير التوصية هو قوله : أن آشكر لي و لوالديك وما بينهما اعتراض بين المفسر والمفسر ، وفي جعل الشكر لهما مقترنا بالشكر لله دلالة على أن حقهما من أعظم الحقوق على الولد وأكبرها وأشدها وجوبا .

{ حملته أمه وهنا على وهن } قرئ بسكون الهاء وبفتحها في الموضعين ، وهما لغتان ، أي : أنها حملته في بطنها ، وهي تزداد كل يوم ضعف على ضعف ، فإنها لا يزال يتضاعف ضعفها ، والوهن الضعف والمشقة ، وقد وهن من باب وعد ، ووهنه غيره توهينا والوهن والموهن نحو من نصف الليل . وقال ابن عباس : شدة بعد شدة ، وخلقا بعد خلق ، وقيل : المعنى أن المرأة ضعيفة الخلقة ، ثم يضعفها الحمل ، وقيل : أي حملته بضعف على ضعف : وقال الزجاج المعنى لزمها بحملها إياه أن تضعف مرة بعد مرة : أي : وهنا كائنا على وهن ، لأن الحمل وهن ، والطلق وهن ، والوضع وهن ، والرضاعة وهن ، وانتصاب وهنا على المصدر أو الحال .

{ وفصاله في عامين } الفصال ، الفطام عن الرضاع ، وهو أن يفصل الولد عن الأم ، وقرئ وفصله وهما لغتان ، يقال : انفصل عن كذا أي : تميز ، وبه سمي الفصيل ، والمعنى : فطامه لتمام سنتين عن الرضاع ، قال البيضاوي : وفيه دليل على أن مدة الإرضاع حولان .

{ أن اشكر لي ولوالديك } أي : وصيناه بشكرنا وشكر والديه ، قال سفيان ابن عيينه : من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ؛ ومن دعا لوالديه في أدبار الصلوات الخمس فقد شكر لوالديه . و ( أن ) مفسرة أو مصدرية ، وهو قول الزجاج { إلى المصير } تعليل لوجوب امتثال الأمر ، أي الرجوع إليّ لا إلى غيري ، وقيل : الجزاء عليّ وقت المصير إليّ .