إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (14)

{ وَوَصَّيْنَا الإنسان بوالديه } الخ كلامُ مستأنفٌ اعترض به على نهجِ الاستطرادِ في أثناءِ وصيَّةِ لقمانَ تأكيداً لما فيها من النَّهيِ عن الشِّركِ . وقولُه تعالى : { حَمَلَتْهُ أُمُّهُ } إلى قولِه في عامينِ اعتراضٌ بين المفسَّر والمفسِّر . وقولُه تعالى : { وَهْناً } حالٌ من أمِّه أي ذاتَ وهنٍ أو مصدرٌ مؤكِّدٌ لفعلِ هو الحالُ أي تهِنُ وَهْناً . وقولُه تعالى : { على وَهْنٍ } صفة للمصدرِ أي كائناً على وَهنٍ أي تضعُف ضعفاً فوقَ ضعفٍ فإنَّها لا تزالُ يتضاعفُ ضعفُها .

وقرئ وَهَنا على وَهَن بالتَّحريك يقالُ وَهِن يَهِنُ وَهَنا ووَهَن يَوْهِنُ وَهْناً { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } أي فطامُه في تمامِ عامينِ وهي مدَّةُ الرَّضاعِ عند الشَّافعيِّ وعند أبي حنيفةَ رحمهما الله تعالى هي ثلاثُون شهراً . وقد بُيِّن وجهُه في موضعِه . وقرئ وفَصْلُه . { أَنِ اشكر لِي ولوالديك } تفسيرٌ لوصَّينا وما بينهما اعتراضٌ مؤكِّدٌ للوصيِّةِ في حقِّها خاصَّة ولذلك ( قال عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لمن قالَ له مَن أبرُّ ؟ ( أمَّك ثمَّ أمَّك ثمَّ أمَّك ثمَّ قالَ بعدَ ذلكَ ثمَّ أباكَ{[651]} ) { إِلَيّ المصير } تعليلٌ لوجوبِ الامتثالِ أي إليَّ الرُّجوع لا إلى غيرِي فأجازيك على ما صَدَر عنْك من الشُّكرِ والكُفرِ .


[651]:أخرجه الترمذي في كتاب البر باب (1) والبخاري في كتاب الأدب باب (2) ومسلم في كتاب البر حديث رقم (1، 2) وأبو داود في كتاب الأدب باب (120) وابن ماجه في كتاب الأدب باب (1) وأحمد في (5/3، 5).