الآية 14 وقوله تعالى : { ووصينا الإنسان بوالديه } ولم يذكر ههنا بماذا وصاه ؟ فجائز [ كون ]( {[16190]} ) الوصية بما ذكر في آية أخرى حيث قال : { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } [ العنكبوت : 8 ] وإحسانا( {[16191]} ) . والإحسان ، هو اسم ما حسن من فعله . وقوله : { حسنا } هو اسم ما حسن مما كان يفعله ، وهما واحد في الأصل .
وقوله تعالى : { حملته أمه وهنا على وهن } أي ضعفا على ضعف ، أي كلما مضى عليها وقت ازداد فيها ضعف على ضعف ووجع على وجع . أمر بالإحسان إليهما جميعا ، ثم ذكر ما حملت الأم من المشقة والشدة ، ولم يذكر من الأب شيئا . وقد كان للأب وقت احتمال الأم المشقة اللذة والسرور والفرح .
فجائز أن يقال : إن كان الأب بإزاء تلك المشقة التي احتملت الأم معنى ما يؤمر أن يشكر له ، ويحسن إليه فهو ما يتحمل من الإنفاق عليها وعليه في حال الرضاع ، وهو ما ذكر : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } [ البقرة : 233 ] وقوله : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } [ الطلاق : 6 ] أو ما لم يجعله مطعونا في الناس بحيث لم يعرف له نسب ، ينسب إليه ، بل جعله معروف النسب غير مطعون في الخلق . ونحوه .
ثم ذكر الفصال ، ولم يذكر الرضاع والمشقة في الإرضاع . والمشقة في الإرضاع لا في الفصال . لكنه ذكر تمام الرضاع وكماله ، إذ بالفصال يتم ذلك ، ويكمل . وفي ذرك التمام له والكمال ذكر الرضاع . وليس في ذكر الرضاع نفسه ذكر تمامه . لذلك كان ما ذكر ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير } أمر بالشكر له ولوالديه . وحاصل الشكر إليه راجع دون من يشكر له ؛ إذ كل من صنع إلى آخر ما يستوجب به الشكر والثناء فبالله صنع ذلك إليه ، وبنعمه كان منه ذلك . فكل من حمد دونه أو شكر فراجع إليه في حقيقة( {[16192]} ) ذلك .
ثم يخرّج قوله : { أن اشكر لي ولوالديك } على وجهين :
أحدهما : اشكر لي في ما تشكر والديك بإحسانهما إليك ، فإنهما ما أحسنا إليك إلا بفضلي ورحمتي كقوله : { فاذكروا الله كذكركم آباءكم } [ البقرة : 200 ] أي اذكروا الله في ما تذكرون آباءكم بصنعهم ، فإنهم إنما فعلوا ذلك بفضل الله .
[ والثاني ]( {[16193]} ) أن يكون قوله : { أن اشكر لي } في ما أنعمت عليك { ولوالديك } في ما أحسنا إليك ، وربياك ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { إلي المصير } قد ذكرنا أنه خص ذلك المصير إليه ، وإن كانوا في جميع الأوقات صائرين إليه راجعين بارزين له لما المقصود من إنشائهم في هذا ذاك ، وصار إنشاؤهم وخلقهم في الدنيا حكمة بذاك ما لولا ذلك لكان عبثا باطلا على ما ذكر ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.