الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَوَصَّيۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ بِوَٰلِدَيۡهِ حَمَلَتۡهُ أُمُّهُۥ وَهۡنًا عَلَىٰ وَهۡنٖ وَفِصَٰلُهُۥ فِي عَامَيۡنِ أَنِ ٱشۡكُرۡ لِي وَلِوَٰلِدَيۡكَ إِلَيَّ ٱلۡمَصِيرُ} (14)

ثم قال : { ووصينا الإنسان بوالديه } أي : ببرهما .

{ حملته أمه وهنا على وهن } أي : ضعفا على ضعف وشدة على شدة ، ومنه : " وهن العظم مني " {[54925]} .

قال ابن عباس : شدة بعد شدة وخلقا بعد خلق{[54926]} .

وقال الضحاك : ضعفا على ضعف{[54927]} .

وقال قتادة : جهدا على جهد{[54928]} .

فهذا كله يعني به الحمل ، يعني : ضعف الحمل ، وضعف الطلق ، وضعف النفاس .

وعن ابن عباس أنه قال : مشقة وهن الولد على وهن الوالدة وضعفها .

والوهن في اللغة الضعف{[54929]} : يقال وهن يهن ووهن يوهن ، ووهن يهن مثل ورم يرم{[54930]} .

ثم قال تعالى : { وفصاله في عامين } أي : وفطامه من الرضاع في انقضاء عامين مثل وسئل القرية{[54931]} .

{ أن اشكر الله } أن بمعنى أي ، أو في موضع نصب على ما تقدم{[54932]} .

وكونها بمعنى ( أي ) أحسن .

والمعنى : وعهدنا إليه أن أشكر نعمتي عليك ، وأشكر لوالديك تربيتهما لك ، ومحنتهما فيك .

{ إلي المصير } أي مصيرك فسائلك عن شكرك لي ولهما وعن غير ذلك . وروي أن هذه الآية نزلت في شأن سعد ابن أبي وقاص وأمه ، وذلك أن أمه حلفت أن لا تأكل ولا تشرب حتى يتحول عن دينه ، فأبى عليها ، فلم تزل كذلك حتى غشي عليها فلما أفاقت دعت عليه ، فنزلت الآية{[54933]} .


[54925]:مريم: آية 3
[54926]:انظر: جامع البيان 21/69، والبحر المحيط 7/187، والدر المنثور 6/522
[54927]:انظر: جامع البيان 21/69، وأحكام الجصاص 3/351، والكشف والبيان 6/49، والبحر المحيط 7/187
[54928]:انظر: جامع البيان 21/69، والبحر المحيط 7/187، وتفسير ابن كثير 3/446.
[54929]:انظر: المفردات للراغب 535، ومادة "وهن" في اللسان 13/453، والقاموس المحيط 4/276، والتاج 9/364
[54930]:انظر: مادة "ورم" في الصحاح 6/2050، واللسان 12/633، وانظر: أيضا الجامع للقرطبي 14/64
[54931]:يوسف: آية 82
[54932]:انظر: مشكل الإعراب لمكي 2/565
[54933]:انظر: جامع البيان 21/70، وفيه نسبة هذه الرواية إلى مصعب بن سعد